وكان حقيقة الإيمان وهو التصديق القلبي أمرا باطنا لا يطلع
عليه، وقد رتب الله تعالى للعباد عليها مصالح، كالإرث والتزويج والابتداء بالتسليم ورده وحقن الدماء والأموال وغير ذلك، فجعل الإقرار دليلا على ما في الباطن ليعلم به وتترتب عليه المصالح المتعلقة بوجوده. وهذا ما وعدناه فيما تقدم من تقريره (1).
[زيادة الإيمان ونقصانه]
قال: (والإيمان لا يزيد ولا ينقص؛ لأنه لا يتصور نقصانه إلا بزيادة الكفر، ولا تتصور زيادته إلا بنقصان الكفر، وكيف يجوز أن يكون الشخص الواحد في حالة واحدة مؤمنا وكافرا؟!).
أقول: إذا ثبت أن الإيمان عبارة عن تصديق العبد، وهو لا يتزايد في نفسه، دل أن الإيمان لا يزيد بانضمام الطاعات إليه، ولا ينقص بارتكاب المعاصي، لأن التصديق قائم في الحالين كما كان قبلهما، واستدل الإمام رحمه الله على هذا بأن زيادة الإيمان لا تتصور إلا بنقصان الكفر، ونقصانه إلا بزيادة الكفر، واجتماعهما في ذات واحدة في حالة واحدة محال، وهذا لأن الكفر ضد الإيمان، وهو التكذيب والجحود، ولهذا قابل الله تعالى الكفر بالإيمان في قوله: ?فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله? [البقرة: 256]، والمراد بهما التصديق والتكذيب، واجتماع الضدين في محل واحد في حالة واحدة محال. وأشار إلى هذا بقوله: «وكيف يجوز أن يكون يكون الشخص الواحد مؤمنا وكافرا في حالة واحدة».
مخ ۴۶