129

قول الفرزدق :

وأجسم ما عاد جسوم رجالهم

وأكثر إن عدوا عديدا من الترب

وقال آخر :

لقد علم الحي من عامر

بأن لنا ذروة الأجسم

وقال يعقوب في إصلاح المنطق : تجسمت الأمر إذا ركبت أجسمه.

ولفظة أفعل إنما تستعمل في شيئين اشتركا في صفة من الصفات وكان لأحدهما مزية على الآخر ، ولهذا يقال العسل أحلى من الدبس لما اشتركا في الحلاوة وكان أحدهما أشد حلاوة من الآخر ، ولا يقال العسل أحلى من الخل لما لم يشتركا في الحلاوة أصلا. فلو لا أن الجسم عندهم هو الطويل العريض العميق وإلا لما استعملوا فيه لفظة أفعل عند الزيادة فيه.

** الخلاف في هذه المسألة :

ثم إن الخلاف في هذه المسألة لا يخلو ، إما أن يكون عن طريق المعنى كأن يقول.

** 1 عن طريق المعنى

إن الله تعالى جسم على معنى أنه طويل عريض عميق ، وأنه يجوز عليه ما يجوز على الأجسام من الصعود والنزول والهبوط والحركة والسكون والانتقال من مكان إلى مكان.

** 2 أو طريق العبارة

وإما أن يكون عن طريق العبارة ، يجوز أن يقول : إن الله تعالى جسم ليس بطويل ولا عريض ولا عميق ، ولا يجوز عليه ما يجوز على الأجسام من الصعود والهبوط والحركة والسكون والانتقال من مكان إلى مكان ، ولكن أسميه جسما لأنه قائم بنفسه.

فإن كان خلافه من هذا الوجه ، فالكلام عليه ما ذكرناه من أن الجسم إنما يكون طويلا عريضا عميقا فلا يوصف به القديم تعالى.

مخ ۱۴۴