أحدهما أنه تعالى يستحق هذه الصفة لذاته ، وهو مذهب أبي علي.
والثاني ، أن هذه الصفة لله تعالى من مقتضى صفة ذاته ، وهو مذهب أبي هاشم.
فعلى المذهب الأول لا كلام فيه ، وعلى المذهب الثاني فالصفة المقتضاة عن صفة الذات كصفة الذات ، فإنه بها يقع الخلاف والوفاق وأن بالاشتراك فيها يجب الاشتراك في سائر صفات تلك الذات.
** ما يدل على أن الله لا يجوز أن يكون عالما بعلم
وأحد ما يدل على أنه تعالى لا يجوز أن يكون عالما بعلم ، هو أن هذه الصفة واجبة لله تعالى ، والصفة متى وجبت استغنت بوجوبها عن العلة.
وهذه الدلالة مبنية على أصلين ، أحدهما ، هو أن هذه الصفة واجبة لله تعالى ، والثاني ، أن الصفة متى وجبت بوجوبها عن العلة.
أما الذي يدل على أن هذه الصفة واجبة لله تعالى ، فهو أنها لو لم تكن واجبة لكانت جائزة ، وهذا يوجب أن يكون القديم تعالى عالما بعلم محدث ، وقد أبطلنا ذلك من قبل.
وأما الذي يدل على أن الصفة متى وجبت استغنت بوجوبها عن العلة فصفة العلة ، فإنها لما كانت واجبة استغنت بوجوبها عن العلة ، فكل ما شاركها في الوجوب وجب أن يشاركها في الاستغناء عن العلة.
فإن قيل : إنما استغنت عن العلة لا لوجوبها ، بل لاستحالة قيام العلة بالعلة ، قلنا : فكان يجب أن لا يستغنى التحيز بوجوبه عن علة ، لأنه لا يستحيل قيام العلة بالمتحيز ، وقد علم خلافه.
وبعد ، فإن هذا التعليل لا يتنافى مع ما قلناه ، فيعلل الحكم بهما. وفائدة التعليل أن أيهما كان ثبت الحكم.
فإن قيل : هذا باطل بالصفة الصادرة عن الله نحو كونه متحركا ، فإنها تجب ولا يستغني عن العلة ، قلنا : هذا لا يلزمنا لوجهين ، أحدهما ، أن الجسم حصل متحركا مع الجواز لا مع الوجوب بخلاف مسألتنا ، والثاني ، أن الصفة الصادرة عن العلة لما وجبت لا جرم استغنت بوجوبها عن علة أخرى ، فقولوا مثل ذلك في مسألتنا.
مخ ۱۳۰