** الكلام في أن العلم إنما هو اعتقاد واقع على وجه
وأما الكلام في أن العلم إنما هو اعتقاد واقع على وجه ، وأنه لوقوعه على ذلك الوجه يصير علما ، فهو أنه لو لم يكن كذلك لكان لا يخلو ، إما أن يكون علما لجنسه وعينه ، أو لصفة جنسه ، أو لوجوده ، أو لعدمه ، أو لوجود معنى ، أو لحدوثه ، أو بالفاعل ، أو لوقوعه على وجه ما نقوله. لا يجوز أن يكون علما لجنسه وعينه على ما قاله الشيخ أبو القاسم البلخي ، لأنه لو كان كذلك لوجب في اعتقاد التقليد والتبخيت أن يكون علما لتماثلهما واشتراكهما في الجنس ، والمعلوم خلافه.
فإن قيل : ولم قلتم إنهما مثلان؟ قلنا. لأن موجب أحدهما مثل موجب الآخر ، والاشتراك في الموجب يقتضي التماثل.
فإن قيل : فلا جرم نقول : إن اعتقاد التقليد والتبخيت علم؟ قلنا : ذلك غير ممكن ، لأن العلم يقتضي سكون النفس ، واعتقاد التقليد والتبخيت مما لا يقتضي ذلك ، فكيف يجعل علما؟ وبهذه الطريقة يبطل قول من قلال : إنه علم لصفة جنسه ، أو لوجوده أو لحدوثه. وبعد ، فلو كان علما لحدوثه لكان يجب إذا قدرنا بقاء العلم أن ينقلب جهلا ، ومعلوم خلافه. ولا يجوز أن يكون علما لعدمه ، لأن العدم يحيل هذا الحكم ، وما أحل الحكم لا يجوز أن يؤثر فيه ويوجبه. ولا يجوز أن يكون علما لوجود معنى أو لعدم معنى ، لأن أي معنى وجد أو عدم فلا تأثير له في ذلك. ويبين ما ذكرناه أنه إذا نظر الناظر فإنه يحصل له العلم لا محالة سواء وجد ذلك المعنى أو عدم ، فلا تأثير له في ذلك. ولا يجوز أن يكون علما بالفاعل ، وإلا كان يصح منه أن يجعل اعتقاد التقليد والتبخيت علما وقد عرف خلافه. وبعد ، فكان يجب صحة أن ينظر الناظر في الدليل على الوجه الذي يدل ثم لا يحصل له العلم بأن لا يختاره ، والمعلوم خلافه. فلم يبق إلا أن يكون علما لوقوعه على وجه على ما نقوله.
** الوجوه التي يقع عليها الاعتقاد فيصير علما كثيرة
ثم إن الوجوه التي يقع عليها الاعتقاد فيصير علما كثيرة.
** أحدها
علما لوقوعه على هذا الوجه.
** والثاني
من رقدته.
مخ ۱۲۴