وعند شيخنا أبي هاشم يستحقها لما هو عليه في ذاته.
وقال أبو الهذيل : إنه تعالى عالم بعلم هو هو ، وأراد به ما ذكره الشيخ أبو علي ، إلا أنه لم تتلخص له العبارة. ألا ترى أن من يقول : إن الله تعالى عالم بعلم ، لا يقول : إن ذلك العلم هو ذاته تعالى.
فأما عند سليمان بن جرير وغيره من الصفاتية ، فإنه تعالى يستحق هذه الصفات لمعان لا توصف بالوجود ولا بالعدم ، ولا بالحدوث ولا بالقدم.
وعند هشام بن الحكم ، أنه تعالى عالم بعلم محدث.
وعند الكلابية ، أنه تعالى يستحق هذه الصفات لمعان أزلية ، وأراد بالأزلى القديم ، إلا أنه لما رأى المسلمين متفقين على أنه لا قديم مع الله تعالى لم يتجاسر على إطلاق القول بذلك.
ثم نبغ الأشعري ، وأطلق القول بأنه تعالى يستحق هذه الصفات لمعان قديمة ، لوقاحته وقلة مبالاته بالإسلام والمسلمين.
وتحرير الدلالة على ما نقوله في ذلك ، هو أنه تعالى لو كان عالما بعلم ، لكان لا يخلو ، إما أن يكون معلوما ، أو لا يكون معلوما. فإن لم يكن معلوما لم يجز إثباته ، لأن إثبات ما لا يعلم يفتح باب الجهات. وإن كان معلوما فلا يخلو ، إما أن يكون موجودا أو معدوما. لا يجوز أن يكون معدوما. وإن كان موجودا فلا يخلو ، إما أن يكون قديما ، أو محدثا ، والأقسام كلها باطلة ، فلم يبق إلا أن يكون عالما لذاته على ما نقوله.
فإن قيل : ما أنكرتم أن هذه المعاني صفات ، والصفات لا توصف بالوجود ولا بالعدم ، ولا بالحدوث ولا بالقدم.
قلنا : هذه مناقضة ظاهرة من وجوه ، أحدهما ، أنك قد وصفتها بأنها معان بل سميتها علما وقدرة وحياة ، والثاني ، بأنك وصفتها بأنها صفات ، والثالث ، بأنك وصفتها بأنها لا توصف ، فقد نقضت كلامك من هذه الوجوه.
فإن قيل : هذه المعاني عندنا كالأصول عندكم ، فكما أن هذه القسمة لا تدخل في الأحوال عندكم ، فكذلك لا تدخل عندنا في هذه المعاني.
قلنا : إن هذه المعاني معلومة عندكم فتدخلها قسمة المعلومات ، وليس كذلك
مخ ۱۱۹