264

Sharh Umdat al-Ahkam by Ibn Jibreen

شرح عمدة الأحكام لابن جبرين

ژانرونه

شرح حديث المسيء في صلاته
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود: عن أبي هريرة ﵁: (أن رسول الله ﷺ دخل المسجد، فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على النبي ﷺ فرد النبي ﷺ، فقال: ارجع فصلِّ فإنك لم تصل، فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء فسلم على النبي ﷺ، فقال: ارجع فصلِّ فإنك لم تصل.
ثلاثًا، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني، فقال ﷺ: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، وافعل ذلك في صلاتك كلها)] .
هذا حديث في صفة الصلاة، مشتمل على أغلب صفة الصلاة، ولكن القصد منه: الطمأنينة فيها.
وذكر في هذا الحديث: أن النبي ﷺ كان جالسًا في ناحية من المسجد ومعه صحابته يعلمهم ويقرئهم ويستفيدون منه، وهكذا كانت عادته في كل صباح غالبًا، يجلس ويتوافدون إليه للتعليم، فجاء هذا الرجل فدخل المسجد كغيره، ولما دخل المسجد كان عليه أن يصلي تحية المسجد، فجاء وصلى تحية المسجد ركعتين، والنبي ﷺ ينظر إليه، ولكنه خففها ولم يتمها.
فلما انتهى جاء وسلّم على النبي ﷺ، فرد ﵇ وأمره أن يرجع فيعيد الصلاة، وأخبره بأن هذه الصلاة التي صلى ليست صلاة، ولا تحسب له صلاة، فكأنه لم يصلِّ، وكأنه لم يأت بعبادة، وأمره بأن يعيدها، ثم إنه أعادها المرة الثانية وأعادها المرة الثالثة وكرر ذلك ثلاثًا، ولما صلاّها ثلاث مرات على تلك الحالة، أخبر بأنه لا يعرف غير هذا، وأن هذا منتهى ما يعرفه، وطلب من النبي ﷺ أن يصف له الصلاة المجزئة التي إذا فعلها خرج من العهدة وبرئت ذمته، فوصف له ﷺ الصلاة المجزئة.
فأمره بالقيام، ثم أمره بالتكبير، ثم أمره بقراءة ما تيسر من القرآن، ثم أمره بعد ذلك بالركوع وأمره بالطمأنينة فيه، ثم بالرفع من الركوع وأمره بالاعتدال فيه، ثم أمره بالسجود وبالطمأنينة فيه، وأمره بالرفع منه وبالطمأنينة فيه، ووصف له ركعة إلا أنه لم يذكر سوى سجدة في هذه الرواية، وأمره أن يفعل ذلك في كل ركعاته.
وهكذا اشتمل هذا الحديث على وصف ركعة، ولكن ليس فيها إلا سجدة، وفي بعض الروايات أنه وصف له السجدة الثانية: أن يسجد سجدتين، وفي بعض الروايات أنه ذكر له الطهارة، قال: (إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله)، وفي بعض الروايات أنه وصف له الوضوء فقال: (اغسل وجهك ويديك وامسح برأسك واغسل قدميك)، فكل ذلك مما أخبر به ﵊ في هذا الحديث.
وصف له هذه الصلاة، وبيّن له أن هذه هي الصلاة المجزئة، وأنه إذا لم يفعل هذا يكون بذلك لم يصل، وكأنه صلى صلاة لا تكفي ولا تجزي.
ومباحث الحديث كثيرة لعلنا نتعرض لشيء منها:

14 / 2