227

Sharh Umdat al-Ahkam by Ibn Jibreen

شرح عمدة الأحكام لابن جبرين

ژانرونه

مواضع رفع اليدين في الصلاة وكيفيته فرفع اليدين ورد في ثلاثة مواضع في حديث ابن عمر، وورد في موضع رابع، وأكثر ما ورد ورودًا ثابثًا في هذه الثلاثة. ذكر في هذا الحديث أنه إذا استفتح الصلاة رفع يديه، يعني: عندما يكبر تكبيرة الإحرام، فابتداء الرفع مع ابتداء التكبير، وانتهاؤه إلى المنكبين، وتكون كل يد محاذية لمنكبها. وورد في بعض الروايات: أنه يرفع يديه إلى أذنيه، وجمع بينهما بأن أصابعه تحاذي الأذنين، وأن الكف يحاذي المنكب، فيكون بذلك رفعًا متوسطًا عند استفتاح الصلاة، يعني: عند تكبيرة الإحرام، وهذا الرفع هو آكدها، وهو متفق عليه بين الأئمة الأربعة، الأئمة كلهم يرون أن هذا الرفع من سنن الصلاة، ولم يقل أحد إنه من الواجبات. عرفنا أن رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام آكد ما روي في الرفع وأنه متفق عليه. والحكمة فيه كما قال بعض العلماء: رفع الحجاب، إشارة إلى أنه يرفع الستر والحجب ويدخل على ربه، فعند ذلك يخشع، كأنه إذا رفع هذه الحجب لم يبق بينه وبين ربه ما يستره، وبكل حال فهو من سنن الصلاة، وابتداء الرفع وتحريك اليدين يكون من ابتداء التكبير، وانتهاؤه بانتهاء التكبير. وبعد ذلك يضع يديه على صدره وهو أقوى ما ورد في وضعهما، وهناك من يقول: تحت سرته، ومن يقول: فوق سرته، ولكن الأصح أنهما على صدره، هذا هو الأرجح. أما عند الركوع وعند الرفع من الركوع فقد ثبت في هذا الحديث وعدة أحاديث كثيرة صريحة بأنه يرفع يديه إذا ابتدأ تكبير الركوع، قبل أن ينحني، ثم ينحني بظهره ويمد يديه ويكون تكبيره في حالة انحنائه، يعني: أنه قبل أن يتحرك يرفع يديه حتى يحاذي منكبيه، ثم يكبر حال كونه منحنيًا للركوع، فيضع يديه على ركبتيه مفرقتي الأصابع، فهذا أيضًا رفع مسنون. كذلك إذا تحرك من الركوع رافعًا للقيام رفعهما، فإذا استتم قائمًا وإذا هو قد انتهى من رفعهما محاذيًا لمنكبيه، فعند ذلك أيضًا يردهما إلى صدره، وفي حالة وقوفه ومعلوم أنه يقول: سمع الله لمن حمده، في حالة حركته وارتفاعه من الركوع، ويقول في حالة قيامه: ربنا ولك الحمد، هذه المواضع الثلاثة. أما حالة انحطاطه إلى السجود، أو رفعه من السجدة الأولى إلى الجلسة، أو خروره إلى السجدة الثانية، أو قيامه من السجدة الثانية إلى الركعة، فلا يفعل ذلك؛ لأن ابن عمر ينقل عن النبي ﷺ أنه لم يفعل ذلك فقال: (كان لا يفعل ذلك في السجود) أي: لا في الانحطاط إليه ولا في الرفع منه، هذا هو المشروع. وقد روي أنه ﷺ كان يرفع يديه أيضًا إذا قام من الركعتين أي: إذا قام من التشهد الأول للركعة الثالثة رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، كما يفعل إذا افتتح الصلاة، فيكون هذا أيضًا موضعًا رابعًا في الصلاة الرباعية أو الثلاثية بعد التشهد الأول وعند نهوضه يكبر ويرفع يديه. وهكذا أيضًا يرفع يديه لتكبيرات العيد الزوائد، فإنه يكبر في الركعة الأولى سبعًا وفي الثانية خمسًا على اختلاف في عدد التكبير، ويرفع يديه في كل تكبيرة. وكذلك في تكبيرات صلاة الاستسقاء كصلاة العيد، يرفع يديه في التكبيرات الزوائد التي في كل ركعة، فهذه أيضًا مواضع رفع في حالة القيام. وقد استنبط من ذلك أن رفع اليدين يكون في الحالات التي ليس فيها حركة كثيرة، فإن حركة القيام إلى الركوع، أو الركوع إلى القيام، أو حركة التكبير في حالة القيام عند التحريمة: حركة قليلة، وكذلك حركة القيام من الجلوس في الركعة الثانية حركة أيضًا قليلة وليست كحركة السجود، سواء للانحطاط له أو للجلوس أو للرفع منه. فيكون رفع اليدين خاصًا بالانتقال الذي حركته قليلة، هذا هو المعتمد. وقد ورد في رواية: أنه يرفع يديه أيضًا في تنقلات السجود، ولعل ذلك أحيانًا لعله فعله مرة أو مرتين، ولكن المعتاد والأكثر أنه لا يفعله في السجود كما نص على ذلك ابن عمر.

13 / 12