Sharh Umdat al-Ahkam by Ibn Jibreen
شرح عمدة الأحكام لابن جبرين
ژانرونه
شرح حديث: (سووا صفوفكم)
قال المؤلف ﵀: [باب الصفوف: عن أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة) .
وعن النعمان بن بشير ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (لتسوّن صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم) .
ولـ مسلم (كان رسول الله ﷺ يُسوي صفوفنا حتى كأنما يُسوي بها القداح، حتى إذا رأى أن قد عقلنا، ثم خرج يومًا فقام حتى كاد أن يكبر، فرأى رجلًا باديًا صدره، فقال: عباد الله! لتسوّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم)] .
يؤمر المصلون بأن يقوموا خلف الإمام، وأن يصفوا الصفوف، وفي هذه الأحاديث الأمر بتسوية الصفوف، يقول: (سووا صفوفكم، فإن تسوية الصف من تمام الصلاة)، وتسوية الصف معناه: محاذاة بعضهم لبعض، وعدم تقدم أحدٍ على أحد، بل يكون أحدهم مصافًا للآخر دون أن يكون متقدمًا أو متأخرًا عنه، هكذا تكون تسوية الصفوف.
وأخبر في هذا الحديث أن تسوية الصفوف من تمام الصلاة، وورد في الأحاديث قوله ﷺ: (صفوا كما تصف الملائكة عند ربها، قالوا: وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ فقال: يتمون الصفوف الأول، ويتراصون في الصف)، فيؤمر في الصفوف بأمور: أولها: التسوية، بحيث يكون كل واحد محاذيًا للآخر، ولا يكون هناك اختلاف بتقدم ولا تأخر، فإن ذلك مما توعد عليه، ففي الحديث الأول يخبر بأن تسوية الصف من تمام الصلاة.
الأمر الثاني: سد الخلل، وهو أن يتراصوا في الصف، فلا يكون بينهم خلل ولا فُرج، بل يحرصون على سدها.
الأمر الثالث: أن يتموا الصفوف الأول، وأن يكون النقص في الصف الأخير، فيتمون الصف الأول ثم الثاني ثم الثالث، ولا يصفون في صف حتى يمتلئ الذي قبله، هكذا أُمروا أن يصفوا.
هذه حالة الصفوف في الصلاة، ولا شك أن الصفوف في الصلاة تبين أهميتها، فإن المسلمين إذا قاموا صفوفًا خلف إمامهم، وكل صف مستقيمًا ليس فيه اعوجاج، وليس فيه تقدم ولا تأخر؛ كان ذلك أقرب إلى احترامهم لهذه العبادة، وأقوى على اهتمامهم بها، ومعرفتهم بقدرها، وكان ذلك أدعى ليكونوا مستقيمين في حالتهم، مستقيمين في عبادتهم.
12 / 2