35

Sharh Thalathat al-Usul by Khalid al-Muslih

شرح ثلاثة الأصول لخالد المصلح

ژانرونه

عبادة الدعاء ودليلها [وفي الحديث: (الدعاء مخ العبادة)] . هذا الحديث رواه الترمذي من حديث أنس ﵁، وهو حديث متكلم فيه، وأصح منه -ويحصل به المقصود- في الاستدلال اللفظ الآخر، وهو قوله ﷺ: (الدعاء هو العبادة)، وأدلة كون الدعاء عبادةً كثيرة واضحة. قال: [وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر:٦٠]] . هذا فيه أيضًا الاستدلال على الدعاء في قوله: ﴿أَسْتَجِبْ لَكُمْ»، والدعاء المأمور به في الآية دعاء العبادة ودعاء المسألة. فإذا كان دعاء عبادة فإن استجابته هي الإثابة من الله ﷾ عليه. وإذا كان دعاء مسألة فاستجابته حصول مقصود الداعي والإثابة عليه أيضًا؛ لأن كل من دعا ولو كان دعاؤه بأمر دنيوي فإنه يثاب على دعائه، فلو قال: اللهم ارزقني مركبًا هنيئًا، وزوجةً صالحة، وبيتًا واسعًا، فهذه من أمور الدنيا مما يتمتع به في الدنيا، إذا سأل الله ﷿ فإن استجابة الله له تكون بإثابته عليه، وهذا محقق لكل داعٍ. الأمر الثاني: وهو حصول مطلوبه، فهذا قد يحصل وقد لا يحصل، بناءً على حكمة الله ﷿ في تحقيق مطلوب العبد أو ادخار ذلك له في الآخرة أو دفع شرٍ عنه نظير ما دعا أو مثلما دعا. وقوله تَعَالَى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي﴾ [غافر:٦٠]، فقوله: ﴿عَنْ عِبَادَتِي﴾ فيه دلالتان: الأولى: أن دعاء المسألة من العبادة، والثانية: أن المراد بالدعاء السابق في أول الآية ما هو أعمّ من دعاء المسألة، وهو دعاء العبادة.

3 / 6