باب إعراب الصحيح الآخر
ص: الإعرابُ ما جيء به لبيان مقتضى العامل من حركةٍ، أو حرف، أو سكون، أو حذف. وهو في الاسم أصلٌ، لوجوب قبوله بصيغة واحدة معاني مختلفة، والفعل والحرف ليسا كذلك فبنيا، إلا المضارع فإنه شابه الاسم بجواز شبه ما وجب له فأعرب، ما لم تتصل به نون توكيد أو إناث.
ش: الإعراب في اللغة التبيين، يقال: أعرب فلان عما في نفسه إذا بينه، وهو عند المحققين من النحويين عبارة عن المجعول آخر الكلمة مبينا للمعنى الحادث فيها بالتركيب من حركة أو سكون أو ما يقوم مقامهما، وذلك المجعول قد يتغير لتغير مدلوله وهو الأكثر، كالضمة والفتحة والكسرة في نحو: ضرب زيدٌ غلامَ عمرو. وقد يلزم للزوم مدلوله كرفع: لا نَولُك أن تفعل، ولعمرك. وكنصب سبحانَ الله ورويدَك. وكجر الكُلاع وعِرْيَط من ذي الكلاع وأمِّ عريط.
وبهذا الإعراب اللازم يعلم فساد قول من جعل الإعراب تغيرا، وقد اعتذر عن ذلك بوجهين: أحدهما أن ما لازم وجها واحدا من وجوه الإعراب فهو صالح للتغيير فيصدق عليه متغيِّر، وعلى الوجه الذي لازمه تغير. والثاني أن الإعراب تجدد في حال التركيب، فهو تَغير باعتبار كونه مُنتقلا إليه من السكون الذي كان قبل التركيب.
والجواب عن الأول أن الصالح لمعنى لم يوجد بعد لا ينسب إليه ذلك المعنى حقيقة حتى يصير قائما به، ألا ترى أن رجلا صالح للبناء إذا ركب مع لا، وخمسة عشر صالح للإعراب إذا فك تركيبه، ومع ذلك لا ينسب إليهما إلا ما هو حاصل في الحال من إعراب رجل وبناء خمسة عشر، فكذا لا ينسب تغيير إلى ما لا تغير له في الحال.
والجواب عن الثاني أن المبني على حركة مسبوق بأصالة السكون، فهو متغير أيضا، وحاله تغير، فلا يصلح أن يحدّ بالتغيير الإعراب لكونه غير مانع من مشاركة
1 / 33