شرح تلویح په توضیح باندې د تنقیح متن
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
ژانرونه
قوله: "لكن عند الشافعي رحمه الله" قد سبق أن القائلين بأن العام يوجب الحكم فيما يتناوله منهم من ذهب إلى أن موجبه ظني، ومنهم من ذهب إلى أنه قطعي بمعنى أنه لا يحتمل الخصوص احتمالا ناشئا عن الدليل تمسك الفريق الأول بأن كل عام يحتمل التخصيص، والتخصيص شائع فيه كثير بمعنى أن العام لا يخلو عنه إلا قليلا بمعونة القرائن كقوله تعالى: {إن الله بكل شيء عليم} {ولله ما في السماوات وما في الأرض} [آل عمران:109] حتى صار بمنزلة المثل أنه ما من عام إلا وقد خص منه البعض، وكفى بهذا دليلا على الاحتمال، وهذا بخلاف احتمال الخاص المجاز فإنه ليس بشائع في الخاص شيوع التخصيص في العام حتى ينشأ عنه احتمال المجاز في الخاص، فإن قيل، بل لا معنى لاحتمال المجاز عند عدم القرينة المانعة؛ لأن وجود القرينة المانعة عن إرادة الموضوع له مأخوذ في تعريف المجاز. قلنا احتمال القرينة كاف في احتمال المجاز وهو قائم، إذ لا قطع بعدم القرينة إلا نادرا، ولما كان المختار عند المصنف أن موجب العام قطعي استدل على إثباته أولا وعلى بطلان مذهب المخالف ثانيا وأجاب عن تمسكه ثالثا. أما الأول فتقريره أن اللفظ إذا وضع لمعنى كان ذلك المعنى لازما ثابتا بذلك اللفظ عند إطلاقه حتى يقوم الدليل على خلافه والعموم مما وضع له اللفظ فكان لازما قطعا حتى يقوم دليل الخصوص كالخاص يثبت مسماه قطعا حتى يقوم دليل المجاز. وأما الثاني فتقريره أنه لو جاز إرادة بعض مسميات العام من غير قرينة لارتفع الأمان عن اللغة؛ لأن كل ما وقع في كلام العرب من الألفاظ العامة يحتمل الخصوص فلا يستقيم ما يفهم السامعون من العموم وعن الشارع؛ لأن عامة خطابات الشرع عامة فلو جوزنا إرادة البعض من غير قرينة لما صح منا فهم الأحكام بصيغة العموم ولما استقام منا الحكم بعتق جميع عبيد من قال كل عبد لي فهو حر، وهذا يؤدي إلى التلبيس على السامع وتكليفه بالمحال، فإن قيل لما لم يكلفنا الله ما ليس في الوسع سقط اعتبار الإرادة الباطنة في حق العمل فلزمنا العمل بالعموم الظاهر لكنها بقيت في حق العلم فلم يلزمنا الاعتقاد القطعي، ومع القول شبهة، ولم يفرقوا بين كونه بالكلام أو غيره لكن يجب هناك فرق وهو أن المخصوص بالعقل ينبغي أن يكون قطعيا ; لأنه في حكم الاستثناء لكنه حذف الاستثناء معتمدا على العقل على أنه مفروغ عنه حتى لا نقول أن قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم
بوجوب العمل بالعموم الظاهر لا يرتفع الأمان قلنا لما كان التكليف بحسب الوسع وليس في وسعنا الوقوف على الباطن لم تعتبر الإرادة الباطنة في حقنا لا علما ولا عملا، وأقيم السبب الظاهر مقام الباطل تيسيرا، وبقي ما يفهم من العموم الظاهر قطعيا، وقد يقال إن العلم عمل القلب وهو الأصل ولما لم تعتبر الإرادة الباطنة في حق التبع وهو العمل فأولى أن لا تعتبر في حق الأصل وهو العلم، وفيه نظر؛ لأنه ينتقض بخبر الواحد والقياس؛ ولأن عدم اعتبارها في حق التبع احتياط، وذلك في حق العمل دون العلم؛ ولأن الأصل أقوى من التبع فيجوز أن لا يقوى مثبت التبع على إثبات الأصل. وأما الثالث وهو الجواب عن تمسك المخالف فقد ذكره على وجه يستتبع الجواب عن استدلال القائلين بالتوقف في العموم بأنه يؤكد بكل وأجمعين، وتقريره أنه إن أريد باحتمال العام التخصيص مطلق الاحتمال فهو لا ينافي القطع بالمعنى المراد، وهو عدم الاحتمال الناشئ عن الدليل فيجوز أن يكون العام قطعيا مع أنه يحتمل الخصوص احتمالا غير ناشئ عن الدليل كما أن الخاص قطعي مع احتمال المجاز كذلك فيؤكد العام بكل وأجمعين ليصير محكما ولا يبقى فيه احتمال الخصوص أصلا كما يؤكد الخاص في مثل جاءني زيد نفسه أو عينه لدفع احتمال المجاز بأن يجيء رسوله أو كتابه، وإن أريد أنه يحتمل التخصيص احتمالا ناشئا عن دليل فهو ممنوع.
قوله: "لأن التخصيص شائع فيه" وهو دليل الاحتمال قلنا لا نسلم أن التخصيص الذي يورث الشبهة والاحتمال شائع فيه، بل هو في غاية القلة؛ لأنه إنما يكون بكلام مستقل موصول بالعام على ما سيأتي، وفيه نظر؛ لأن مراد الخصم بالتخصيص قصر العام على بعض المسميات سواء كان بغير مستقل أو بمستقل موصول أو متراخ، ولا شك في شيوعه وكثرته بهذا المعنى فإذا وقع النزاع في إطلاق اسم التخصيص على ما يكون بغير المستقل، أو بالمستقل المتراخي فله أن يقول قصر العام على بعض مسمياته شائع فيه بمعنى أن أكثر العمومات مقصور على البعض فيورث الشبهة في تناول الحكم لجميع الأفراد في العام سواء ظهر له مخصص أم لا، ويصير دليلا على احتمال الاقتصار على البعض فلا يكون قطعيا والمصنف توهم أن مراد الخصم أن التخصيص شائع في العام فيورث الشبهة في تناوله لجميع ما بقي بعد التخصيص كما هو المذهب في العام الذي خص منه البعض فلا يكون قطعيا، ولهذا قال لا نسلم أن التخصيص الذي يورث شبهة في العام شائع بلا قرينة، وقد عرفت أن المراد أن التخصيص أي: القصر على البعض شائع كثيرا في العموميات بالقرائن المخصصة فيورث شبهة البعضية في كل عام فيصير ظنيا في الجميع وحينئذ لا ينطبق الجواب المذكور عليه أصلا ولا يكون لقوله بلا قرينة معنى، ثم لا يخفى أن قوله، وإن كان المخصص هو الكلام، فإن كان متراخيا لا نسلم أنه مخصص لا يستقيم إلا أن يريد بالمخصص الأول ما أراده الخصم، وحينئذ لا فائدة في منع كونه مخصصا بالمعنى الآخر الأخص.
مخ ۷۲