269

شرح طلعت شمس

شرح طلعة الشمس على الألفية

ژانرونه

أما نسخ المتواتر من الكتاب والسنة بالآحادي فلا يصح؛ لأن المتواتر دليل قطعي، والآحادي دليل ظني، والدليل الظني لا يعارض القطعي، ولإجماع الصحابة على رد ما خالف القرآن من الآحاد، كقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في خبر فاطمة بنت قيس: "لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لخبر امرأة، لا ندري أصدقت أم كذبت"، وخالف في ذلك أهل الظاهر فجوزا نسخ المتواتر بالآحاد، قال البدر: "وهو ظاهر كلام ابن بركة العماني"، واحتجوا على ذلك بأمور:

أحدها: أن أهل قباء سمعوا مناديه - صلى الله عليه وسلم - : "ألا إن القبلة قد تحولت"، فاستداروا، ولم ينكر عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وثانيها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرسل الآحاد بتبليغ الأحكام مبتدأة وناسخة.

وثالثها: أنه قد نسخ قوله تعالى: { قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة } (الأنعام: 145) الآية، بما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - من النهي عن كل ذي ناب من السباع، والخبر آحادي.

وأجيب عن الأول: بأن أهل قباء علموا ذلك النسخ بالقرائن، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقلب وجهه إلى السماء طالبا ربه أن يوليه إلى استقبال الكعبة، والمسلمون يتوقعون ذلك، أو يقال: إن المنادي بمنزلة من أخبر عن جماعة في حضرتهم أنه اتفق أمر عظيم في حضرتهم، ولم ينكروا خبره، فإن هذا يفيد العلم اليقين كما سيأتي بيانه.

مخ ۲۹۲