264

شرح طلعت شمس

شرح طلعة الشمس على الألفية

ژانرونه

وأجيب: بأن الحديث مشهور تلقته الأمة بالقبول، فلا وجه لإنكاره كالتواتر والنقلة، كما رووا أصل المعراج رووا فرض خمسين صلاة، ونسخها على ما ثبت في الصحيحين وغيرهما، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أصل هذه الأمة، وكان مبتلى بالاعتقاد والقبول في حقه وحق أمته، ويجوز أن يبتلي بأمته لوفور شفقته عليهم، كما ابتلى بنفسه، ومن الشروط المختلف فيها أيضا ما اشترطه أبو الحسين في صحة النسخ، حيث قال: "ولا يجوز من الله تعالى نسخ حكم شرعي إلا مع الإشعار به"، أي بأنه سينسخ يشعر بذلك عند الابتداء بالتكليف به، مثل قوله تعالى: { أو يجعل الله لهن سبيلا } (النساء: 15)، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا } (الطلاق: 1)، واحتج بأنه إذا لم يقع إشعار حمل المخاطب به على اعتقاد دوامه، وهو جهل قبيح؛ فلا يجوز من الله تعالى الإغراء به.

وأجيب: بأن المعلوم أن لفظ الأمر لا يقتضي الدوام لغة وعرفا ولا شرعا، فإذا اعتقد المكلف دوامه لغير دليل، فقد أتى من جهة نفسه لا من جهة الله تعالى، فلا يجب الإشعار كما زعم أبو الحسين، والله أعلم، ثم قال:

ووقع النسخ بغير بدل ... وبالأخف وأتى بالأثقل

يجوز نسخ الآية أو الحكم إلى غير بدل، وبه قال أكثر الأصوليين، وخالف فيه داود الظاهري فمنع من النسخ إلى غير بدل، وحكي هذا القول عن الشافعي أيضا، والحجة لنا على جوازه وقوعه في الكتاب والسنة، فمن ذلك نسخ وجوب الإمساك عن المفطرات للصائم بعد الفطر، فإنه كان يجب على الصائم إذا أفطر بعد المغرب أن يمسك عن كل مفطر إلى آخر اليوم الثاني، ثم نسخ ولم يكن للإمساك بدل يجب علينا بل إن شئنا أمسكنا وإن شئنا أفطرنا. ومن ذلك أيضا أنه كان محرما علينا ادخار لحوم الأضاحي، ثم نسخ التحريم لا إلى بدل. ومن ذلك أيضا وجوب تقديم الصدقة على مناجاة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ثم نسخت لا إلى بدل. ومن ذلك أيضا الاعتداد بالحول قد نسخ بأربعة أشهر وعشر، فما زاد على الأربعة والعشر، فقد نسخ لا إلى بدل.

واحتج المخالف بقوله تعالى: { ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها } (البقرة: 106)، قالوا: فأخبر أنه لا ينسخ آية إلا إلى بدل خير منها أو مثلها.

مخ ۲۸۷