شرح طلعت شمس
شرح طلعة الشمس على الألفية
ژانرونه
وأما مفهوم الشرط: فنحو: أكرم زيدا إن دخل الدار، مفهومه ترك إكرامه إذا لم يدخل الدار، وخالف في هذا المفهوم أبو علي وأبو هاشم والقاضي عبد الجبار وأبو عبد الله البصري، واحتجوا على ذلك بأنه قد يرد لا للتقييد، وذلك كقوله تعالى: { ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا } (النور: 33)، فإن مفهوم الشرط لا يعمل به هنا بالإجماع، ونظائر ذلك كثيرة.
والجواب عن ذلك: أن الآية ونظائرها جارية على مجرى الأغلب المعتاد عند العرب، ولم يقصد بها التقييد، ونحن نسلم أنه لا مفهوم في مثل هذه الضورة، وإنما المفهوم فيما إذا كملت شروطه المتقدمة آنفا.
وأما مفهوم اللقب: والمراد به ما عدا المشتق من الأسماء، كالعلم واسم الجنس، فهو نحو قول القائل: أكرم الرجال، مفهومه عند من قال به: ترك إكرام النساء، والقائل بهذا المفهوم الدقاق والصيرفي وبعض الحنابلة وبعض أصحابنا، ومنعه الجمهور من قومنا، احتج القائلون به بأن الله تعالى إذا علق الحكم على الاسم الخاص، ولم يعلقه على الاسم العام علمنا أنه غير متعلق به، إذ لو كان متعلقا به لعلقه الله عليه، وذلك نحو أن يقول: في الغنم زكاة، فيعلم أنها لو كانت الزكاة تجب في غير الغنم من الحيوان لعلق الزكاة به أيضا.
وأجيب: بأنه غنما علمنا أنه لا زكاة في غير الغنم لأنه لم يقم دليل على وجوبها فيه، لا لأجل حكمه بوجوبها في الغنم، فلو لم تحصل الدلالة على ذلك بذكرها للغنم بل يفقد الدليل فلا فائدة في ذكر الغنم إلا إيجاب الزكاة فيها فقط، على أنه يجوز أن تكون المصلحة في أنه يبين لنا حكم الغنم في ذلك الوقت بذلك الكلام، ويبين لنا حكم غيرها بكلام آخر في وقت آخر، وأيضا فلو أخذ بمفهوم اللقب لكان قول القائل: محمد رسول الله كفرا؛ لتضمنه إنكار نبوة الأنبياء، وكذلك: زيد موجود يكون كفرا؛ لتضمنه كون من عداه معدوما.
وأما مفهوم الصفة: والمراد بها ما كان صفة في المعنى، فنحو: أكرم الرجال العلماء، مفهومه: ترك الإكرام لغير العلماء، وبه قال الشافعي وابن حنبل وابي بشر الأشعري والجويني، ومن قال بمفهوم اللقب، وأنكر الاستدلال به أبو العباس بن سريج وأكثر المعتزلة والحنفية والغزالي والباقلاني، وهم المنكرون لمفهوم اللقب أيضا.
احتج المنكرون للاستدلال به بأن المعلوم من اللغة تعليق الحكم بالوصف لا يفيد نفيه عما لم يتصف به، كتعليقه باللقب، إذ علمنا باستقراء اللغة العربية أن وضع الصفة إنما كان للتوضيح، فإذا قلت:
مخ ۲۶۵