133

Tafsir Ibn Kathir

شرح تفسير ابن كثير

ژانرونه

تفسير قوله تعالى: (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضًا) قال الله تعالى: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ [البقرة:١٠]. قال المصنف ﵀: [قال السدي: عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن أناس من الصحابة في هذه الآية: (في قلوبهم مرض) قال: شك، (فزادهم الله مرضًا) قال: شكًا. وقال ابن إسحاق: عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة -أو سعيد بن جبير - عن ابن عباس: (في قلوبهم مرض) قال: شك. وكذلك قال مجاهد وعكرمة والحسن البصري وأبو العالية والربيع بن أنس وقتادة. وعن عكرمة وطاوس (في قلوبهم مرض) يعني: الرياء. وقال الضحاك عن ابن عباس: (في قلوبهم مرض) قال: نفاق. (فزادهم الله مرضًا) قال: نفاقًا، وهذا كالأول. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: (في قلوبهم مرض) قال: هذا مرض في الدين وليس مرضًا في الأجساد، وهم المنافقون، والمرض: الشك الذي دخلهم في الإسلام، (فزادهم الله مرضًا) قال: زادهم رجسًا]. أي: أن مرضهم كان في الدين، وهو مرض النفاق والشبهة والشك والحيرة، نعوذ بالله. والمرض يأتي في القرآن بمعنيين: مرض الشهوة، ومرض الشبهة، والمراد هنا مرض الشبهة والشك، أما مرض المعصية فكما في قوله تعالى: ﴿فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾ [الأحزاب:٣٢] يعني: (شهوة المعصية). قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقرأ: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ﴾ [التوبة:١٢٤ - ١٢٥]، قال: شرًا إلى شرهم، وضلالة إلى ضلالتهم. وهذا الذي قاله عبد الرحمن ﵀ حسن، وهو الجزاء من جنس العمل، وكذلك قاله الأولون، وهو نظير قوله تعالى أيضًا: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ﴾ [محمد:١٧]. وقوله: ﴿بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ [البقرة:١٠] وقرئ: (يُكَذِّبِون) وقد كانوا متصفين بهذا وهذا؛ فإنهم كانوا كذبة ويُكَذِّبِون بالغيب يجمعون بين هذا وهذا]. أي: فهم كذبة في أنفسهم، وكانوا يكذبون بالغيب؛ لأنهم لم يؤمنوا، فقلوبهم مكذبة، فهم كذبة في دعواهم الإيمان، وهم مكذبون بالغيب، فجمعوا بين الشرين، نعوذ بالله.

19 / 2