والطبع المنتهي لقبول الدين، فلو تُرك عليها لاستمر على لزومها وعلى معرفة
الله- تعالى- والإقرار به أي: يولد لما كان أقربه لما خرج من ظهر آدم.
حكى ذلك القزاز في تفسير غريب البخاري، وزعم أنّ الأول أولى
الوجوه فيها، وقال الخطابي: فسّره أكثر العلماء بالسنة، وقد جاء في صحيح
البخاري من حديث ابن عمر مرفوعا:"من السنة: قص الشارب، ونتف
الإِبط، وتقليم الأظفار " (١) وفي صحيح ابن حبان من حديث زيد بن أرقم
مرفوعا:"من السنة: قص الشارب؛ من لم يأخذ من شاربه فليس منا" (٢)
وفسرها آخرون بالدين، منهم الماوردي، ويدلّ عليه وروده صريحا في بعض
الروايات، وأما إعفاء اللحية فهو توفيرها، قال الجوهري: عفا الشعر وأنتف
وغيرهما أكثر زاد ابن سيّده في المحكم وطال قال الجوهري، ومنه قوله حتى
إذا عفوا أي كثر، وعفوته وعفيته: لغتان، والعافي: الطويل الشعر، وفي كتاب
الأضداد لابن السكيت: عفا الشعر إذا وفا، وعفا إذا درس، قال الهروي: ومنه
قوله ﵇:"فعلى الدنيا العفا" (٣) أي الدروس، كره لنا أن نعفها
كفعل بعض الأعاجم، وأما الأخذ من طولها وعرضها فحسن، وأما الأظفار،
فهو جمع ظفر مضموم الظاء والفاء، وبضم الظاء وإسكان الفاء وبكسر الظاء
وسكون الفاء وأظافير جمع أظفور لغة في الظفر، ورجل أظفر: طويل الأظفار
عريضها، وظفر الجديد الظفر. قاله في الأساس، والبراجم واحدها برجمة بضم
الباء وهي عقد الأصابع ومفاصِلها، وبه سميت البراجم من تميم وعبد
القيس،/وقال أبو عبيد: البراجم والرواجب جميعا: مفاصل الأصابع وألى ذلك
غيره؛ فقال: الرواجب هي ما بين العقد من داخل واحدها راجبة، والبراجم:
من ظهور الأصابع، والإِبط، باطن المنكب يذكر ويؤنث، والتذكير أعلا،
_________
(١) صحيح. رواه الترمذي (ح/٢٧٦١) والنسائي (١/١٥، ٨/١٢٩) وأحمد في"المسند" (٤/
٣٦٦، ٣٦٨) والطبراني في"الكبير" (٥/٢٠٨) وابن عدي في"الكامل" (٦/٢٣٦٠) وإتحاف
السادة المتقين (٢/٤١١، ٤١٣) وشرح السنة (١٢/١٠٨) والمشكاة (٤٤٣٨) ومشكل (٢/
١٣٨) والكنز (١٧٢٤٢) والخفاء (٢/٤٣٠) والطبراني في"الصغير" (١/١٠٠) .
(٢) انظر: الحاشية السابقة.
(٣) /أقف إلا في' الإِتحاف: ٨/١٦٠"بلفظ:"على الدنيا وأهلها منط المّمار".
1 / 67