وقال جمهور أهل العلم: ليس على من أراد القيام إلى صلاة مكتوبةٍ أن يتوضأ، إلا أن يكون محدثًا فيتوضأ لحدثه، لأنه إذا كان متوضئًا للصلاة فلا معنى لتوضئه وضوءًا لا يخرجه من حدث إلى طهارة. وممن روى عنه الجمع بين صلوات بوضوء واحد: سعد بن أبى وقاص، وأبو موسى الأشعرى، وأنس بن مالك، وابن عباس. إلا أن بعض قائلى هذه المقالة قالوا: إن الوضوء لكل صلاة نسخ بما رواه الثورى عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: صلى رسول الله ﷺ يوم فتح مكة خمس صلوات بوضوء واحد، فقال له عمر: ما هذا يا رسول الله؟ فقال: تمت عمدًا صنعته يا عمر -. وبما روى ابن وهب، عن ابن جريج، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، أن امرأة من الأنصار دعت رسول الله ﷺ إلى شاة مصلية، ومعه أصحابه، فصلى الظهر والعصر بوضوء واحد. وقال أكثر أهل هذه المقالة: إن جَمْع الرسول ﷺ الصلوات بوضوء واحد يوم الفتح، وعند المرأة التى دعته للشاة المصلية، لم يكن ناسخًا لما تقدم من وضوئه ﷺ لكل صلاة، وإنما بيَّن بفعله يوم الفتح أن وضوءه لكل صلاة كان من باب الفضل والازدياد فى الأجر، فمن اقتدى به فى ذلك فله فيه الأسوة الحسنة.