163

Sharh Sahih al-Bukhari - Osama Suleiman

شرح صحيح البخاري - أسامة سليمان

ژانرونه

الوصية وأحكامها
قال: [(أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا.
فقلت: بالشطر؟ -بالنصف- فقال: لا.
ثم قال: الثلث -يعني: أوصي بالثلث- والثلث كبير، أو كثير)].
وهذا أخرجه البخاري أيضًا في كتاب الوصايا، من أنه يجوز للمورث أن يوصي بالثلث والثلث كثير، يعني: لم يحثنا النبي على الثلث، وإنما حثنا على الأقل من الثلث في الوصية، والوصية عند الفقهاء هي: تصرف مضاف لما بعد الموت، ولا وصية لوارث؛ لقول النبي ﷺ: (ولا وصية لوارث، فإن الله قد أعطى كل ذي حق حقه)، ولذلك أراد سعد أن يوصي بشطر ماله، يوصي بثلث ماله، فقال ﵊: (الثلث والثلث كثير).
ثم قال ﵊: [(إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)]، وفي موضع آخر عند البخاري قال: (يتكففون الناس وقال بيده هكذا)، ومعنى: (قال بيده اليد): ليمثل للمستمع ما معنى يتكففون الناس، يعني: يسألونهم، وعلى هذا قال العلماء: إن إشارة اليد تسمى قولًا.
وكذلك حركة وإشارة أي جارحة من الجوارح.
قال: [(وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها)]، في هذا إشارة إلى وجوب إخلاص العمل لله ﷿، وقد أخرج البخاري في كتاب: الإيمان هذا الحديث من هذه الجملة: (وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها).
يقول: [(حتى ما تجعل في في امرأتك)].
يعني: أن الرجل حينما يأكل مع زوجته، فيأخذ قطعة من الطعام ويضعها في فم زوجته فله بذلك أجر.
قال: [(فقلت: يا رسول الله أخلف بعد أصحابي؟ قال: إنك لن تخلف فتعمل عملًا صالحًا إلا ازددت به درجة ورفعة، ثم لعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون، اللهم أمض لأصحابي هجرتهم، ولا تردهم على أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله ﷺ أن مات بمكة)].
كان سعد بن خولة قد هاجر من مكة إلى المدينة، وكان من حسن خاتمة الرجل إذا هاجر أن يموت في المكان الذي هاجر إليه؛ لأنه جاء في الحديث: يقاس للرجل بين بلده وبين موضع هجرته، وبهذه المسافة يقاس له بها في الجنة، لكن سعد بن خولة قد عاد إلى مكة فمات بها، فهنا النبي ﷺ يرثي موته بمكة؛ لأنه من المستحب أن يموت في موضع هجرته وهي المدينة، ولذا بوب البخاري: باب: رثاء النبي ﷺ سعد بن خولة.
إذًا: هذا الحديث فيه من الدروس الكثير والكثير، وفيه مشروعية المراثي إن كانت بضوابط شرعية، لكن هناك مراثٍ جاهلية نهى عنها النبي ﷺ.

9 / 3