155

Sharh Sahih al-Bukhari - Osama Suleiman

شرح صحيح البخاري - أسامة سليمان

ژانرونه

باب ما يكره من النياحة على الميت
قال البخاري رحمه الله تعالى: [باب: ما يكره من النياحة على الميت.
وقال عمر ﵁: دعهن يبكين على أبي سليمان، ما لم يكن نقع أو لقلقة، والنقع التراب على الرأس، واللقلقة الصوت]، فـ عمر ﵁ قد وافق على البكاء، بشرط ألا يكون منه نقع أو لقلقة.
قال البخاري ﵀: [حدثنا أبو نعيم حدثنا سعيد بن عبيد عن علي بن ربيعة عن المغيرة ﵁ قال: سمعت النبي ﷺ يقول: (إن كذبًا علي ليس ككذب على أحد، من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار).
سمعت النبي ﷺ يقول: (من نيح عليه يعذب بما نيح عليه)]، فعلاقة هذا الحديث بالأول: أن المغيرة أراد أن يقول: أنا لا أكذب على رسول الله؛ لأنني سمعته يقول: (إن كذبًا علي ليس ككذب على أحد)، ولكنه قال: (من نيح عليه يعذب بما نيح عليه)، فهو ﵁ أراد بهذا الحديث أن يؤكد أنه قد سمعه سماعًا أكيدًا من رسول الله ﷺ.
قال البخاري: [حدثنا عبدان قال: أخبرني أبي عن شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن أبيه ﵄، عن النبي ﷺ قال: (الميت يعذب في قبره بما نيح عليه)]، وهذا هو مقصود الحديث الأول، أي: أنهم فسروا البكاء بمعنى: النياحة.
تابعه عبد الأعلى: حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد حدثنا قتادة، وقال آدم عن شعبة: (الميت يعذب ببكاء الحي عليه).
ثم قال البخاري: [من طريق جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام قال: جيء بأبي يوم أحد -مات شهيدًا في الغزوة ومثل به المشركون، فجدعوا أنفه ومثلوا بجثته- قد مثل به، حتى وضع بين يدي رسول الله ﷺ وقد سجي ثوبًا]، أي: غطي بثوب، وفيه جواز تغطية الميت، ومشروعية كشف الوجه بعد ذلك؛ لأن جابرًا قد كشف عن وجه أبيه ونظر إليه.
قال: [فذهبت أريد أن أكشف عنه فنهاني قومي، ثم ذهبت أكشف عنه فنهاني قومي، فأمر رسول الله ﷺ فرفع، فسمع صوت صائحة، فقال: (من هذه؟)، فقالوا: ابنة عمرو، أو أخت عمرو -يعني: عمة جابر - قال: (فلم تبكي؟ أو: لا تبكي، فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع)].
وفي هذا بيان من البخاري: أن بكاء المرأة على أخيها مشروع، لكن الذي يموت بهذه الطريقة يستحق الفرح لا لحزن، لا سيما وأن الملائكة تظله بأجنحتها.
قال بعضهم: ربما نهاها حتى يقطع عليها الطريق إلى النياحة، والله تعالى أعلم.

8 / 7