Sharh Riyadh al-Salihin - Hutaybah
شرح رياض الصالحين - حطيبة
ژانرونه
الظلم ظلمات يوم القيامة
والأحاديث كثيرة جدًا عن النبي ﷺ، من ذلك ما جاء عن جابر بن عبد الله ﵁ قال: قال النبي ﷺ: (اتقوا الظلم).
فلابد أن نتقي الظلم، ولابد أن نعرف هذا الظلم؛ لأن الإنسان قد يقع في الظلم وهو لا يدري، فقد يظلم نفسه فيشرك بالله ﷿، أو يرائي بعمله، وقد يظلم غيره بأن يأخذ ماله أو يغتابه في عرضه، أو يسفك دمه.
فقوله ﷺ: (اتقوا الظلم)، يعني: اجعلوا وقاية بينكم وبين الظلم، وحاجزًا بينكم وبين الظلم؛ (فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) فيوم القيامة لا يزداد إلا ظلمات.
فهو يوم فظيع شديد، وكل شيء قائم بين يدي الله ﷾، فهو يوم الحاقة الذي يحق الله به الحق، وهو يوم الصاخة، أي: الفزع الأكبر، وهو يوم العرض على الله ﵎، وهو يوم الصيحة الهائلة التي تصم الآذان في يوم فظيع ورهيب.
وهو يوم يحاسب فيه الإنسان على كل ما عمل في الدنيا، يعرف طريقه أمامه، ويقال للناس: اعبروا الصراط، وهو مكان مظلم، ويكون العبور بحسب النور الذي يعطاه الإنسان، ومن أجل أن يعبر هذا الصراط لابد من أن يمر في ظلمات يوم القيامة، وهنا يأتي ظلم الإنسان فيطفئ له كل أنواره، فلا يرى شيئًا، ولا أحد ينتفع بنور صاحبه.
إن الإنسان المؤمن الذي يكون نوره أمامه عظيمًا جليلًا فإنه وحده الذي ينتفع بنوره، وليس غيره من أهل الظلم.
ويقول ﷺ في نهاية الحديث: (واتقوا الشح)، لأن الشح وسيلة لأن يقع المرء في الظلم، وصحيح أن الله ﷿ قال: ﴿وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ﴾ [النساء:١٢٨]، فنفس كل مخلوق فيها شح بحسبها، ولكن ربنا ﷾ أمرنا أن نقاوم هذا الشح.
والشح: أشد البخل؛ لأن بخل الإنسان وشحه دفع الناس إلى أن سفكوا الدماء، واستحلوا المحارم، وذلك لأن كل أحد يريد الحاجة لنفسه ولا يريد غيره أن يستمتع بها، فمع شحهم سفكوا دماءهم؛ لأن كل واحد يقول: حقي، من غير نظر هل هو حقه فعلًا أو ليس حقه؟ فسفكوا الدماء، واستحلوا الحرمات.
2 / 4