94

Explanation of Riyadh al-Salihin

شرح رياض الصالحين

ژانرونه

د حدیث علوم
شرح حديث: (لئن أغضبتهم لقد أغضبت ربك)
من الأحاديث: حديث لـ أبي هبيرة واسمه عائد بن عمرو المزني وهو من أهل بيعة الرضوان، بايع النبي ﷺ في الحديبية بيعة الرضوان، فبايع بعضهم على الموت، وبعضهم على الجهاد في سبيل الله سبحانه.
فهذا يخبر أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال، وغيرهم من فقراء المهاجرين الذين كانوا مع النبي ﷺ، وكان ذلك بعد الحديبية.
ففي أثناء فترة الهدنة التي ما بين سنة ست وسنة ثمان جاء أبو سفيان فقابل هؤلاء من المسلمين، وكان أبو سفيان كافرًا لم يسلم بعد، فجاء ومعه أبو بكر الصديق ﵁، فقابل هؤلاء المسلمين سلمان وصهيبًا وبلالًا، أما صهيب وبلال فكانا يؤذيان في مكة، وصهيب خرج مهاجرًا ولحقوه فأعطاهم كل ماله، وخرج إلى المدينة من غير شيء، وقال له النبي ﷺ: (ربح البيع أبا يحيى).
وبلال كان عبدًا فأعتقه أبو بكر.
هؤلاء الفقراء رأوا أبا سفيان وهو آت ولم يسلم بعد فقالوا: ما أخذت سيوف الله من عدو الله مأخذها.
فغضب أبو بكر، وكانت نظرة سيدنا أبي بكر ﵁ نظرة مصلحة؛ لأنه يمكن أن يسلم، ولا يريد تنفيره عن الدين، فقال: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟ فأتى النبي ﷺ غاضبًا، فشكا أبو بكر إلى النبي ﷺ ما قاله سلمان وصهيب وبلال لـ أبي سفيان، فقال النبي ﷺ: (يا أبا بكر لعلك أغضبتهم)، أي: بمجاملته أبا سفيان على حساب هؤلاء، والنتيجة إن أغضبهم قال: (لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك).
فأتاهم أبو بكر مسرعًا وقال: يا إخوتاه، آغضبتكم؟ فقالوا: لا، يغفر الله لك يا أُخيَّ.
يا أُخَيَّ تصغير أَخِي، والتصغير يكون أحيانًا للتدليل، فقد يصغر الاسم على وجه المحبة والتلطف.
هذا أبو بكر الصديق الذي لو وزن إيمان الأمة ليس فيها النبي ﷺ لوزنهم، ولكن مع ذلك أمره النبي أن يحسن إلى هؤلاء وله بذلك القدر العظيم عند الله؛ لذلك ذهب إليهم واسترضاهم فقالوا: لا، يغفر الله لك يا أخي.
نتعلم من هذا الحديث أن الإنسان المسلم لا يغضب الفقير لكونه فقيرًا، والإنسان المسلم يحب الفقير ولا يتمنى الفقر، ولكن الفقر قد يكون نعمة لإنسان، وقد يكون نقمة على إنسان آخر، ولذلك يكفي الفقير أنه يسبق إلى الجنة بنصف يوم من أيام القيامة، أي: خمسمائة عام، فلا تعاد الفقير أبدًا، لعله يكون وليًا لله ﷿.
وفي الحديث أن الله ﷾ يقول: (من آذى لي وليًا فقد آذنته بالحرب)، فإذا أردت أن تبتعد عن محاربة الله ﷾، فابتعد عن مؤذاة الفقراء والمساكين، الذين هم أهل التواضع وأهل حب الله ﷾.
فهنا أبو بكر الصديق يصالح هؤلاء الأفاضل، ومنهم بلال الذي عذب وأعتقه أبو بكر رضي الله ﵎ عنه، ولكنه ما أعتقه إلا لله، فهو بإغضابه لهؤلاء يغضب ربه سبحانه، فذهب يصالحهم رضي الله ﵎ عنه.

11 / 8