177

Explanation of Riyadh al-Salihin

شرح رياض الصالحين

ژانرونه

د حدیث علوم
شرح أثر (قدم عيينة بن حصن فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس)
عن ابن عباس ﵄ قال: قدم عيينة بن حصن فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس.
وعيينة بن حصن هو رجل كبير في قومه، وكان ممن يتألفه النبي ﷺ في حياته؛ لأنه كبير في قومه مثل: العباس بن مرداس، والأقرع بن حابس، كان هؤلاء الثلاثة كانوا كبراء في قومهم، وكان النبي ﷺ يتألفهم ليثبتوا على هذا الدين، فقدم عيينة على عمر رضي الله تعالى عنه، وابن أخيه الحر كان صغيرًا في السن، ولكنه كان من النفر الذين يدنيهم عمر رضي الله تعالى عنه لعلمه.
وكذلك كان ابن عباس صغيرًا في السن وكان عمر ﵁ يدنيه؛ ليس لمكانته من النبي ﷺ، وإنما لعلمه رضي الله تعالى عنه، وأهل شورى عمر هم أهل العلم، يقول ابن عباس: كان القراء حفاظ القرآن أصحابَ مجلس عمر ومشاورته كهولًا كانوا أو شبانًا، والكهل هو الذي جاوز الثلاثين سنة، أما الشاب فهو دون ذلك.
فالشاهد هنا: أن أهل مجلس شورى عمر ﵁ هم حفاظ القرآن في ذلك الزمان، وليس كهذا الزمان يحفظ الواحد القرآن ولا يفهم منه شيئًا، بل كان الواحد من الصحابة والتابعين يحفظ عشر آيات، ويعرف مضمون هذه الآيات ومعانيها وأحكامها وينفذها ويعمل بها، وهكذا حتى يحفظ القرآن كله على هذه الطريقة، فهؤلاء كان يدنيهم عمر ﵁؛ لأنهم أحق أن يشاورهم في أمور المسلمين.
فجاء عيينة وطلب من ابن أخيه الذي هو الحر بن قيس أن يستأذن له على عمر، فاستأذن له على عمر رضي الله تعالى عنه، وأكرم عمر هذا الشاب الحافظ للقرآن، وجعل عمه يدخل عليه.
فلما دخل على عمر ﵁، قال لـ عمر: هيه يا ابن الخطاب!، فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم فينا بالعدل.
هذا من الكذب على عمر رضي الله تعالى عنه، عمر ذلك الذي عدله الكفار وعرفوا فضله وعدله، وهذا يأتي ويقول عن عمر: أنت لا تحكم بالعدل، ولا تعطينا الجزل!! فلما قال ذلك، غضب عمر غضبًا شديدًا، وهم أن يوقع به؛ لأنه كذاب يكذب على عمر رضي الله تعالى عنه، فلما أراد معاقبته إذا بـ الحر بن قيس يقول لـ عمر ﵁: يا أمير المؤمنين! إن الله تعالى قال لنبيه ﷺ: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف:١٩٩]، وإن هذا من الجاهلين.
فلما سمع الآية التي خوطب بها النبي ﷺ كأنه صُبَّ عليه ماء بارد، فسكت وسكن غضبه، وكان وقافًا عند كتاب الله ﷾.
قال ابن عباس: والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافًا عند كتاب الله، فهدأ وسكت ﵁ وأعرض عنه لكونه جاهلًا.
فإذًا: الغرض من هذا الأثر بيان الذين كان يدنيهم عمر ﵁، وعمر هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وزير النبي ﷺ بعد أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم، ولو وزن إيمان عمر بإيمان الأمة ليس فيها النبي ﷺ ولا أبو بكر لوزنهم عمر وثقل إيمانه على إيمان الأمة.

18 / 6