171

Explanation of Riyadh al-Salihin

شرح رياض الصالحين

ژانرونه

د حدیث علوم
تقديم الأكبر في السن في الحديث
من الأحاديث التي جاءت عنه صلوات الله وسلامه عليه حديث يرويه سهل بن أبي حثمة يقول: (انطلق عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود إلى خيبر وهي يومئذ صلح، فتفرقا وذهب كل واحد وحده في خيبر، فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلًا)، اليهود لا عهد لهم ولا ذمة ولا أمان أبدًا، اليهودي إذا وجد غيره في مكان يحدث نفسه بقتله؛ لأنه يتعبد بذلك، سواء وجد مسلمًا أو نصرانيًا، ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ﴾ [المائدة:٨٢] فبدأ بهم.
﴿وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ [المائدة:٨٢].
أتى محيصة إلى عبد الله بن سهل فوجده يتشحط في دمه، يعني: ينزف ويتخبط ويضطرب في دمه قتيلًا فدفنه، ثم قدم المدينة فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي ﷺ، فبدأ أخو القتيل يتكلم، ولكن علمهم النبي ﷺ أن الذي يتكلم الأكبر في السن، فلو كانت هناك مجموعة وقدمت أحدهم للكلام فهو مقدمهم، لكن إذا لم يقدموا أحدًا فإن كبير السن هو الذي يبدأ بالكلام.
قال النبي ﷺ: (كبر كبر)، يعني: يتكلم الأكبر في السن.
الموقف هنا موقف صعب، ومع ذلك يعلمهم النبي ﷺ الأدب الشرعي، وأن يتكلم الكبير، وفيها أن النبي ﷺ قال: (أتحلفون وتستحقون قاتلكم؟) وفيها قصة القسامة، لكن الغرض: بيان تقديم الكبير في الكلام.
أيضًا قال جابر بن عبد الله: (كان النبي ﷺ يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في القبر، ثم يقول: أيهما أكثر أخذًا للقرآن؟) لأن قتلى أحد كانوا سبعين، ويصعب الحفر لهم كلهم، والصحابة كانوا مثخنين بالجراح، فلذلك كانوا يحفرون القبر ويدفن في القبر الواحد الاثنان والثلاثة، فكان النبي ﷺ يقدم الأحفظ إلى القبلة، ثم الثاني، فهنا يقول لنا النبي ﷺ يسأل: (أيهما أكثر أخذًا للقرآن؟ فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد).
فالقرآن سبب للتقدم في الدنيا وسبب للتقديم في القبر، فما بالك بيوم القيامة؟ يقول النبي ﷺ: (اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه).
يقول القرآن: أي رب منعته النوم بالليل، والصيام يقول: أي رب منعته الطعام بالنهار، فيشفعان له.
وعن ابن عمر ﵁: أن النبي ﷺ قال: (أراني في المنام أتسوك بسواك، فجاءني رجلان أحدهما أكبر من الآخر، فناولت السواك الأصغر، فقيل لي: كبر).
هنا الأدب حتى مع النبي ﷺ، وهو ما عملها في الواقع، فقد كان في الواقع يكبر الكبير، ولكن في المنام علم ﷺ في منامه ذلك، (فقيل له: كبر، فدفعته إلى الأكبر منهما)، نتعلم كيف نفاضل بين الناس بمنازلهم، وجاء في الحديث: (أنزلوا الناس منازلهم).
نسأل الله ﷿ أن يؤدبنا ويفقهنا في ديننا، ويؤدبنا بشرعه العظيم.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

17 / 7