شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
ژانرونه
(من كل فن متقن عجيب): يريد؛ أجناس الحيوانات والجمادات؛ لأنك إذا تفكرت في نوع منها؛ وهو خلق ابن آدم وما فيه من التوصيل والتفصيل والمخارق لمخارج الأغذية ومداخلها، وللإحساس للمحسوسات؛ من المطعومات والمسموعات والملموسات، وكذلك سائر أنواع الحيوان ؛ وكذلك إذا تفكرت في هذه النباتات وما فيها من التركيب والأرزاق والأعمدة التي تقوم عليها ، والعروق التي تجذب إليها الأغذية من الماء والطين، وما يخرج منها من الثمار الحسنة، والأزهار البديعة، التي لو اجتمع الخلق أن يخرجوا بلطف إحتيالهم ثمرة، أو يركبوا على ذلك الوجه الفائق حبة ، أو ينشروا زهرة، ما وجدوا إلى ذلك سبيلا؛ علمت أن ذلك أبلغ في العقل من كتابة الكاتب، وبناء الباني، ولولا علمهما بوجود الكتابة على ذلك الوجه مفيدة، والبناء حسنا لما صح منهما ذلك؛ وكذلك لولا علم الله- سبحانه- بحاجة العباد إلى ما خلق لهم من الآلات والحواس والمنافع قبل خلقهم لما تأتى منه تعالى ذلك ؛ فلما فعل ذلك قبل الحاجة مطابقا لها في أمور كثيرة لا يصح حصولها بالإتفاق ، علمنا أنه سبحانه أعلم العلماء، وأحكم الحكماء، وذلك يوجب علمه بجميع المعلومات؛ لأن علمه ببعض المعلومات، ولا مخصص لكون هذه الصفة واجبة له تعالى للذات، توجب علمه بجميع المعلومات، وفي جميع الأوقات ، واستحالة خروجه عنها في جميع الحالات ، وسيأتي ما يؤيد هذا فيما بعد إنشاء الله تعالى.
مخ ۱۲۹