و(مكنونها) بواطن الحيوان من النواظر، يقول في واحدتها بضعة
كما نقول لحمه، ويريد بمكنونها الكبد والطحال وما شاكلهما.
[بيان دلالة البضع على الله تعالى]
ودلالتها على الله -سبحانه وتعالى- من وجوه:
أحدها: إختلافها في صورها، فلا بد من مخالف خالف بينها.
ومنها: إختلاف منافعها، فلا بد لذلك من مدبر جعل كل واحد لغير ما جعل له صاحبه، لأنها لو كانت كذلك لذواتها وجبت المماثلة، أو لعلل متماثلة، أو لعلل مختلفة لزم، ما قدمنا أولا.
ومن ذلك إختلاف أماكنها؛ لأنها كانت تكون في تلك الأماكن لذاوتها لو قيل بنفي الصانع، وذواتها مع الأماكن على سواء فكان يجب كونها في جهة واحدة لفقد المخصص، فلما رأيناها كذلك علمنا أن لها صانعا مختارا مدبرا جعل كل شيء منها في جهة منفصلة لما علم في ذلك من المصلحة، ففي كل شيء عليه سبحانه دليل واضح لمن نظر بعين البصيرة، فنسأل الله الهداية في البداية والنهاية.
(العجائب): قد قدمنا تفسيرها، ولا أعجب من حصول هذه الأمور المختلفة في الصورة، والمنافع، والأماكن، من نطفة رقيقة مهينة لو تتبعت أجزاءها لم تر فيها من ذلك شيئا، ولا تميز لك بعضها من بعض، بل لو اجتمع الجن والإنس على أن يخرجوا بلطف تدبيرهم من تلك النطفة شعرة أو ينشئوا بشرة ما قدروا على ذلك، بل لو اجتمعوا على وصل شعرة مقطوعة أو الزيادة في عرضها وطولها ما استطاعوا {ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا(88)} [الإسراء]، فكيف بتلك البنا الفائقة، والصور الحسنة الرائقة، والحواس النافعة، والمنافع الكاملة؟!، فسبحان من لا شريك له في ملكه، ولا نظير له في سلطانه، وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
(العجز): نقيض القدرة، ولا شك في عجز كل صانع عن إيجاد مثل فعل الله -سبحانه- الذي ذكرنا في ذاته وصفاته.
(التعليم): هو الأخذ عن الغير.
مخ ۸۲