ولا يصح التعويل على اعتدال المزاج أيضا لمثل ذلك، لأن اعتدال
المزاج ثابت للنائم ثبوته لليقظان، وعقل النائم زائل لولاه لاحتاج عند كل يقظة إلى العلاج، ومعلوم خلافه، وبمثل ذلك أيضا يبطل قول أصحاب النجوم لأن الطالع واحد، والأسباب والمقابلة واحدة، وجميع ما يتوهم تأثيره في حال اليقظة والمنام على سواء، لم يختلف الحال فيزول في حال النوم ويعود في حال اليقظة، فلا بد من مزيل ومعيد، وليس ذلك إلا الله -تعالى- لخروج العقل عن مقدور كل قادر سواه.
[ذكر ثمرة العقل]
وهو مما يجب أن يشكر تعالى عليه، بل هو من أجل نعمه على عباده، لأن به تنال الأغراض الشريفة، ويرقى إلى الدرج العالية، وتفتح الأمور المستصعبة، وتسد الثغور، ويساس الجمهور، ويستظهر به على الفيل مع عظمه، وعلى الأسد مع شجاعته وقوته، وعلى المغير مع جلده، وبه يعبد الرحمن، ويشكر المنان، وتورث الجنان، ولا تنقضي ذكر ثمرته وإن كثر الكلام وطال الشرح، والحمد لله تعالى عليه خاصة، وعلى نعمه عامة، ولا سبيل بحمد الله لأحد إلى رد ما ذكرنا.
مخ ۵۶