الخبر المتواتر يجب تصديقه ضرورة، لماذا؟ لأنه مفيد للعلم القطعي الضروري، فلا حاجة إلى البحث عن أحوال رواته، يقول الحافظ ابن حجر: "المعتمد أن الخبر المتواتر يفيد العلم الضروري وهو الذي يضطر إليه الإنسان بحيث لا يمكن دفعه، وقيل: لا يفيد العلم إلا نظريا وليس بشيء؛ لأن العلم حاصل به لمن ليس لديه أهلية النظر كالعامي، والنظري يفيد العلم لكن بعد النظر والاستدلال".
في إفادة المتواتر العلم هذا أمر لا إشكال فيه، الخبر المتواتر يفيد العلم بمعنى أنه يكون مقطوعا به، ويحلف عليه، يحلف عليه، وأنه لا يحتمل النقيض، بمعنى أنه صحيح مائة بالمائة، لكن هل يفيد العلم الضروري أو يفيد العلم النظري؟ العلم سواء كان ضروريا أو نظريا لا يحتمل النقيض وهو مائة بالمائة، لكن العلم الضروري لا يحتاج إلى نظر واستدلال، إذا قيل لك: مكة، خلاص ما يحتاج أن تبحث من أخبرك عن وجود هذا البلد، ولا تبحث في معجم البلدان هل هناك بلد اسمه مكة أو لا؟ مثله البلدان الكبرى مثل: بغداد ودمشق وغيرهما، هذا لا يحتاج إلى نظر واستدلال، إذا قيل لك: كم نصف الاثنين؟ تقول: واحد، النتيجة صحيحة مائة بالمائة، لا تحتاج إلى نظر واستدلال.
علم ضروري، وهناك علم نظري نتيجة مائة بالمائة كالضروري، لكنه يحتاج إلى مقدمات ونظر واستدلال، إذا قيل لك: مررنا ببلد اسمها: قهب الطير، تصدق وإلا ما تصدق؟ نعم، الشخص الذي مر بهذه المدينة علمه مائة بالمائة نعم أنت تحتاج إلى مقدمات ونظر واستدلال حتى تثبت عندك هذه البلدة، فإذا ثبتت عندك صار علما يفيد مائة بالمائة، تحتاج إلى أن تنظر في معجم البلدان أو تسأل أكثر من واحد أو تذهب بنفسك لكي ترى هذه البلدة، فإذا رأيتها وانتهيت إلى المحسوس، انتهيت إلى الحس يعني شاهدتها بنفسك خلاص، صار العلم ضروري بالنسبة لك، نظري بالنسبة لمن تخبره، هي موجودة خبرك صحيح مائة بالمائة، وهو علم لكنه يحتاج إلى مقدمات ونظر واستدلال.
مخ ۲۲