"على سيدنا" أي عظيمنا وشريفنا وأعلانا منزلة، وأسمانا قدرا "محمد الذي أرسله إلى الناس بشيرا ونذيرا"، أي مبشرا للمؤمنين بالجنة، ومنذرا ومخوفا للكافرين بالنار، فقد جاء في وصفه -عليه الصلاة والسلام- من قوله -صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث الصحيح: ((أنا النذير العريان)) يعني المبالغ في الإنذار والتحذير والتخويف، إيش معنى النذير العريان؟ النذير العريان: الذي إذا خشي على قومه من العدو خلع ثوبه فلوح به إليهم، يحذرهم من هذا العدو، والأمة بالنسبة لهذه النذارة على قسمين -كما اقتسم القوم الذين أنذرهم هذا العريان-: قسم خافوا من العدو فأدلجوا، استاروا مباشرة ونجو، وقسم دهمهم العدو واقتحمهم، وهؤلاء الذين لم يصدقوا هذا النذير، ومثلهم هذه الأمة الذين بعث فيهم النبي -عليه الصلاة والسلام- منهم من صدق وآمن واتبع واقتدى، وهؤلاء هم الناجون، ومنهم من كذب وأبى وأعرض، وهؤلاء هم الهالكون.
"وعلى آل محمد" الآل اختلف في أصله، فقيل: أهل ثم قلبت الهاء همزة فقيل: أأل ثم سهلت فقيل: آل، ولهذا يرجع إلى أصله في التصغير فيقال: أهيل، وضعف ابن القيم هذا القول في الوابل الصيب من ستة أوجه تراجع هناك.
وقيل: أصل (آل) أول ذكره الجوهري في باب الهزة والواو واللام، قال: "وآل الرجل أهله وعياله وأتباعه" وهو عند هؤلاء مشتق من الأول الذي هو الرجوع، اختلف في المراد بآله -عليه الصلاة والسلام- على أربعة أقوال: أنهم الذين حرمت عليهم الصدقة، أو هم ذريته وأزواجه خاصة، أو أتباعه إلى يوم القيامة، أو هم الأتقياء من أمته، أقوال لأهل العلم من أراد بسطها فليرجع إلى الوابل الصيب لابن القيم -رحمه الله تعالى-.
"وصحبه" جمع صاحب، كركب جمع راكب، مأخوذ من الصحبة، والمختار في تعريف الصحابي ما سيأتي في هذا الكتاب أنه: من لقي النبي -عليه الصلاة والسلام- مؤمنا به ومات على الإسلام.
"سلم تسليما كثيرا" التسليم: مصدر مؤكد، والمراد بإيراده إظهار الزيادة في التعظيم وإفادة التكثير، كما أشار إليه بقوله: "كثيرا".
مخ ۹