يقول: "لا معنى لتقليد الحافظ وحده، لأنه وإن كان إمام فابن الصلاح إمام والخطيب إمام والحاكم إمام وغيرهم من نقاد الحديث أئمة"، "فلا معنى للتعصب عندي لأحدهم دون الآخر"، يقول: "لذلك رأيت الحق أولى ما ابتغي وسعي إليه، وأحق ما نصر وتعصب له"، هذا الكلام يشترك فيه الجميع، كل ينشد الحق، وليسوا بالمعصومين، وكلهم ينشدون الحق -إن شاء الله تعالى-، لكنهم مع ذلك ليسوا بالمعصومين .
والسيوطي يقول في التدريب أخف من غيره في التعصب للحافظ ابن حجر، لماذا؟ يقول: "لعل سبب ذلك أنه يشرح كتابا للنووي، ثم هو لم يتتلمذ على الحافظ ابن حجر".
"وأما الأمير الصنعاني فأبعدهم عن التعصب، لكنه لا يجري مجرى هؤلاء في ممارسة علم الحديث تطبيقا وعملا، ثم يؤخذ عليه تعويله على كتب الأصول وترجيح آراء أصحابها على أصحاب الفن من المحدثين".
أما تعويله على كتب الأصول فهو مما يمدح به، الكتاب الذي يجمع بين العلوم لا شك أنه مزية لهذا الكتاب، والعالم الذي يتقن جميع العلوم ويتعرض لها من خلال ما يلقيه، من خلال ما يعلمه طلابه مزية لهذا العالم، فالذي يفسر القرآن وهو ملم بعلوم الشرع، وما تطلبه العلوم الشرعية، وما تحتاج إليه هذا هو المفسر، وإلا فما معنى مفسر لا يعرف لغة العرب؟ هذا ليس بمفسر، ما معنى مفسر لا يحفظ قدرا كافيا من السنة؟ والسنة هي أولى ما يعول عليه في تفسير القرآن، ما معنى مفسر لا يعرف الناسخ من المنسوخ، ولا المطلق ولا المقيد، ولا الخاص ولا العام، وبقية مباحث علم الأصول؟ العالم المفسر الذي يحيط بالعلوم كلها.
مما اشترطه أهل العلم لمن يتصدى لتفسير القرآن: أن يكون عارفا لجميع ما يحتاج إليه القرآن، والله المستعان.
"ثم يؤخذ عليه تعويله على كتب الأصول وترجيح آراء أصحابها على آراء أصحاب الفن من المحدثين"، إن كان هذا هو الواقع وهو ديدنه وهذه عادته وطريقته المطردة يؤخذ عليه، لكنه ليس كذلك، والله المستعان.
يقول: "غير أنه مما يميز هذه الكتب وأشباهها، أنها كتب موسعة مليئة بالنقول والأمثلة، إضافة إلى تحريرات وفوائد وفرائد، لا يستغنى عنها إلا من استغنى عن هذا العلم".
مخ ۳۱