بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَبِه نستعين الْحَمد لله الَّذِي صحّح كَلَامه الْقَدِيم، الَّذِي هُوَ أحسن الحَدِيث فرعا وأصلا، وَضعف أجر قارئه فِي كل حرف مِنْهُ عشر حَسَنَات، وَزَاد لبَعْضهِم عدلا وفضلا، وَجعل تالي كَلَامه كَلَام رَسُوله، كإطاعته إطاعة نوعا وفصلا، وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على من تَوَاتَرَتْ سوابق دلالات معجزاته، واشتهرت لواحق خوارق عاداته، بأسانيد مَرْفُوعَة مُتَّصِلَة بعنوان كراماته، وموصولة بتبيان آيَات كمالاته، أَعنِي سيد الْأَنْبِيَاء، وَسَنَد الأصفياء، مُحَمَّد الْمُصْطَفى، وَأحمد المرتضى، ومحمود الْمُجْتَبى، وعَلى آله وَأَصْحَابه الَّذين أدركوا أسراره، وشاهدوا آثاره، وأخبروا أخباره، وَاتبعُوا أنواره. أما بعد فَيَقُول الأفقر إِلَى كرم الله الْغَنِيّ الْبَارِي، عَليّ بن سُلْطَان مُحَمَّد الْهَرَوِيّ الْقَارِي: إِن بغض أَصْحَابِي وَمن هُوَ من جملَة أحبابي طلب من أَن يقْرَأ عَليّ " شرح نخبة الْفِكر فِي مصطلحات أهل الْأَثر " لمولانا

1 / 117

وَسَيِّدنَا، وَشَيخ مَشَايِخنَا وسندنا، عُمْدَة الْعلمَاء الْأَعْلَام، وزبدة الْفُضَلَاء الْكِرَام، ومقتدى الْأَنَام، وَشَيخ الْإِسْلَام [٢ - أ]، [وخاتمة] الْحفاظ والمحدثين، ونادرة الْمُحَقِّقين والمدققين، الْعَلامَة [الْعَالم الْعَامِل] الرباني، الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن حجر الْعَسْقَلَانِي، روح روحه، وَفتح لنا فتوحه. [فسنح] بالخاطر الفاتر أَن أجمع مَا يظْهر لي فِي كَلَامه، وَمَا أظهره بعض الْفُضَلَاء فِي الدفاتر، ليَكُون تبصرة لأولي الْأَلْبَاب، وَتَذْكِرَة للأصحاب والأحباب، فَإِن آن الْوُرُود فِي الْمَقْصُود، فَأَقُول بعون الله الْملك المعبود: قَالَ الشَّيْخ: (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) عملا بِالْقُرْآنِ الْمجِيد، واقتداءً / بالفرقان الحميد، وتأسيا بِالْحَدِيثِ الْمَشْهُور عِنْد [أَئِمَّة] الْأَثر: " كل أَمر ذِي بالٍ [لَا] يبْدَأ فِيهِ بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَهُوَ أَبتر] "، وإيماء بالاستعانة بِهِ تَعَالَى إِلَى التبري عَن

1 / 118

الْحول وَالْقُوَّة، [وَإِشَارَة] إِلَى مرتبَة جمع الْجمع بَين الْجمع الصّرْف والتفرقة، لِئَلَّا يُؤَدِّي إِلَى / ٢ - أ / الْغَفْلَة والزندقة، وإشعارًا إِلَى الرَّد على الْمُعْتَزلَة والمُرجئة، وَإِرَادَة للخلاص عَن ضيق رِبقة السمعة والرياء إِلَى فضاء الْإِخْلَاص الَّذِي هُوَ أجل مقَام أهل الِاخْتِصَاص، وَلَا شكّ أَن هَذِه الْمعَانِي المنطوية فِي هَذِه المباني مُحْتَاج إِلَيْهَا فِي أول كل من الْمَتْن وَالشَّرْح فِي الْحَال الأول وَالثَّانِي، وَكَأن المُصَنّف جمع بَينهمَا لفظا وَاكْتفى بِأَحَدِهِمَا كِتَابَة، أَو نزّل الْمَتْن وَالشَّرْح منزلةَ كتاب وَاحِد، وَأما مَا فِي بعض النّسخ من قَوْله: (قَالَ الشَّيْخ): إِلَخ، فَالظَّاهِر أَنه من كَلَام بعض التلامذة النقاد، إعلامًا بِأَنَّهُ تصنيف الْأُسْتَاذ ليَصِح الْإِسْنَاد، وَيصْلح للاعتماد والاستناد، لكنه يُوهم أَن الشَّيْخ لم يَأْتِ بالبسملة مُطلقًا، وَهَذَا لَا يظنّ بِهِ حَقًا، فَكَانَ الْوَاجِب أَن يَأْتُوا بالبسملة مُتَّصِلَة بالحمدلة على مَا فِي نُسْخَة، لِئَلَّا يُؤَدِّي إِلَى تَغْيِير التصنيف، وتحريف التَّأْلِيف، وَيحْتَمل أَن أَلْفَاظ الْمَدْح فَقَط مُلْحقَة. وَقدم الشَّيْخ الْبَسْمَلَة تَعْظِيمًا لَهُ تَعَالَى كَمَا فعله شيخ مَشَايِخنَا الجزريّ فِي مقدمته حَيْثُ قَالَ [٢ - ب] بعد الْبَسْمَلَة.

1 / 119

(يَقُول راجي عَفْو رب سامِع ... مُحَمَّد بن الجزريّ الشَّافِعِي) (الْحَمد لله وَصلى الله ... على نبيه ومصطفاه) ثمَّ المُرَاد من (الشَّيْخ): هُوَ الْكَامِل فِي فنه وَلَو شَابًّا، وَأما مَا اخْتَارَهُ بَعضهم من أَنه من خمسين إِلَى ثَمَانِينَ، وَهُوَ السن الَّذِي يسْتَحبّ أَن يكون إسماع الحَدِيث فِيهِ بِلَا خلاف، فخلاف الصَّحِيح كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَله، فَإِن عمر بن عبد الْعَزِيز لم يبلغ أَرْبَعِينَ، وَحدث الإِمَام مَالك حِين بلغ عمره عشْرين. فَالْحَاصِل: أَنه يُرَاد بِهِ شيخ الْإِسْلَام، وَهُوَ أَن يكون مرجعًا للْأَحْكَام، وَيدل عَلَيْهِ حَدِيث: (الشَّيْخ فِي قومه كالنبي فِي أُمته) // (أسْندهُ الديلمي) //، فالشيخ هُوَ الْكَبِير سِنًا، أَو رُتْبَة. وَمَا أحسن قَول الْعَبَّاس لما سُئِلَ أَنْت أكبر أَو النَّبِي [ﷺ]؟ فَقَالَ: (إِنَّه أكبر، وَأَنا أَسن) .

1 / 120

(الإِمَام) أَي المقتدى بِهِ، وَهُوَ إِمَام أَئِمَّة الْأَنَام كالسيوطي، وَابْن الْهمام، والسخاوي، والقسطلاني، وملا قَاسم الْحَنَفِيّ، وَغَيرهم من الْعلمَاء الْأَعْلَام. (الْعَالم) أَي الْعَالم الْكَامِل، وَالْمَشْهُور فِي هَذَا الْعلم، فَإِن لَهُ تصانيف كَثِيرَة، وتآليف شهيرة، وأجلها (فتح الْبَارِي فِي شرح البُخَارِيّ) الَّذِي هُوَ فِي هَذَا الْفَنّ غَايَة، بل فِي سَائِر الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة نِهَايَة. (الْحَافِظ): هُوَ من أحَاط علمه بمئة ألف حَدِيث، ثمَّ بعده الْحجَّة: وَهُوَ من أحَاط / ٢ - ب / علمه بِثَلَاث مئة ألف حَدِيث، ثمَّ الْحَاكِم: وَهُوَ الَّذِي أحَاط علمه بِجَمِيعِ الْأَحَادِيث المروية متْنا وإسنادًا، وجرحًا وتعديلًا وتاريخًا، كَذَا قَالَه جمَاعَة من الْمُحَقِّقين. وَقَالَ الْعَلامَة الْجَزرِي:

1 / 121

اصول - د اسلامي متنونو لپاره څیړنیز اوزار

اصول.اي آی د اوپنITI کورپس څخه زیات له 8,000 اسلامي متونو خدمت کوي. زموږ هدف دا دی چې په اسانۍ سره یې ولولئ، لټون وکړئ، او د کلاسیکي متونو د څیړلو کولو لپاره یې آسانه کړئ. لاندې ګډون وکړئ ترڅو میاشتني تازه معلومات په زموږ د کار په اړه ترلاسه کړئ.

© ۲۰۲۴ اصول.اي آی بنسټ. ټول حقوق خوندي دي.