شرح نيل و شفاء علیل
شرح النيل للقطب اطفيش - موافق للمطبوع
ژانرونه
--------------------------------
أقسام الحمد والشكر والمدح؛ والله هو الواجب الوجود لذاته، بمعنى أن ذاته تقتضي الوجود وتستلزمه حتى إنه لا يمكن وصفه بالعدم؛ (حمدا) مفعول مطلق لمحذوف لا للحمد، لئلا يلزم الإخبار عن المصدر قبل معموله؛ أي نحمده حمدا؛ (يوافي) أي يقابل ويعادل (ما تفضل به علينا من النعم) النعمة: أمر حلال ملائم، فما تفضل الله عز وجل به على الكافر نعمة ولو هلك بها، لأن ذلك لاستعماله لها في غير محلها، ويدل على أنها نعمة عليه وجوب الشكر عليها إجماعا؛ ذهب بعض الشافعية إلى أن أفضل الحمد " الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده " حتى إن من حلف ليحمدنه بجميع محامده وقال ذلك بر، والمراد: إنشاء حمد يوافي ما تفضل به من النعم عليه بأن طلب من الله أن يتم تقصيره فيصدر منه حمدا يكون طبق ما أنعم عليه به، كأنه قال: اللهم أصدر مني حمدا يوافي ذلك، والمراد يوفي النعم التي هي خلاف التوفيق لذلك الحمد، فإن التوفيق إليه نعمة أيضا، والشيء لا يعادل نفسه، وأيضا لو أراد ذلك التوفيق في قوله: ما تفضل، لزم أن يكون قد طلب من الله خصلة لا يكون لله عليه معها منة وفضل، وذلك غير واقع وغير جائز الوقوع وغير جائز الطلب به كسائر المستحيلات في حق الله سبحانه وتعالى فافهم؛ ولا يتكرر
الحمد مع الشكر بعد لأن مراده الحمد باللسان والشكر به وبغيره، فذكر الشكر بعده ذكر عام بعد خاص، ولم يجعل متعلق الحمد هو ما تفضل به من النعم، بل قال: حمدا يوافي ذلك فلا يكون ذلك هو الشكر، ولا ينافي قوله حمدا يوافي إلخ قوله: لا أحصي ثناء، لأن الحمد الذي لا يحصيه هو الثناء الذي يطابق الذات الواجب الوجود.
(والشكر) فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب إنعامه، سواء كان ذكرا باللسان، أم اعتقادا بالجنان، أم عملا بالأركان.
مخ ۶