هذا مع عدم معقولية تأثير شيء في غيره ما أثره الغير فيه في الحال التي تأثر هو من الغير، فلا معنى لتأثيره فيه ما أخذه منه وهو في حال الأخذ، على أن القاعدة المذكورة بهذا العموم ممنوعة، لعدم استنادها إلى الضروريات العقلية ولاقامت بها الأدلة اللفظية، ولا استفيدت من علة منصوصة أو قطعية، بل هي مضمون ما اخذ من الإجماع، ولا اجماع على أن هذا النجس - على تسليم نجاسته - لا يطهر، بل الإجماع قائم على مطهريته على فرض كونه متنجسا بالنجاسة المخصوصة كما في نظائره من أحجار الاستنجاء وتراب التعفير والأرض المطهرة لباطن القدم.
ومنه يعلم عدم إمكان أخذها من الاستقراء أيضا كما يضعف تعويلهم في الطهارة أيضا على أن الماء الواحد كيف يعقل التفكيك بين أبعاضه؟ فإن هذا الأمر الغير المعقول قد التزموه في الغسالة المنفصلة كما حكيناه عن جواهر الماتن فإنه ذكر فيه أن الغسالة المصاحبة للأجزاء النجسة المنفصلة عن المحل المغسول لا تتنجس بما معها من أجزاء النجس حال كونها في الهواء وتتنجس بها بعد استقرارها في الأرض، فالقطرات المنفصلة منها في الهواء الخالية عن عين النجس طاهرة كالمصاحبة للنجس، فإذا لاقاها شيء حينئذ لا يتنجس بها لكونها من الغسالة وهي طاهرة بخلاف ما استقر في محل، فإنه من الماءالقليل الذي يتنجس بما فيه من أجزاء النجس.
وأنت ترى ما فيه، فإن قلته أو مصاحبته للنجس لا تتفاوت في الحالين، وهما كونه في الهواء أو استقراره في أرض أو في إناء، وكذا جزؤه الخالي عن عين النجس هل يمكن سلب بعضيته من هذا الماء المزال به هذا النجس؟ فكيف حكم بطهارته ولو بعد الاستقرار، وحكم بنجاسة البعض المصاحب، وكذا بنجاسته هو لو استقر مع المصاحب في محل؟ وهل هذا إلا التفكيك الذي ادعي كونه غير معقول؟!
ويقال: إنه تفكيك بلا دليل، وينبغي أن يستل منه هل هذا التفكيك غير معقول، أو التفكيك الذي يأتي من قبل نجاسة الغسالة التي اقتضاها ملاقاة ما يقبل الانفعال
مخ ۱۱۰