بل ينبغي الاقتصار فيه على قليل منهما كما يومئ اليه اختصار الأدعية المأثورة، ويفصح عنه قوله: " لم يرخص في أكثر " في خبر عمرو، وترديده (عليه السلام) بين آية الكرسي وآية الحمد لله في الخبر إشارة إلى مقدار الكلمات، يعني أنه لم ينحصر الاستثناء بثلاث آيات كما هو عدد آيات آية الكرسي، بل يجوز سبع آيات إذا كانت الآية غير مطولة كما في آيات الحمد، فحاصل الترديد تقريب مقدار المستثنى من حيث كمية التكلم إلى ذهن السامع، يعني لم يرخص بأزيد من هذا المقدار من التكلم في القراءة والدعاء.
وبهذا الوجه المسبوق منه إلى الذهن في متفاهم العرف يجمع بينه وبين الأخبار المثبتة لندبية القراءة والذكر والدعاء في تلك الحال حيث إنها لم تدل على مطلوبية أزيد من المقدار المذكور ولو بالظهور المعتد به، فالأقوى حينئذ عدم اختصاص الاستثناء بقراءة خصوص آية الكرسي، بل يعم ما شاء من القرآن ما لم يزد على المقدار المزبور.
كما أنه رخص في حكاية الأذان على ما لها من الاستحباب في غير تلك الحال، للصحيح عن أبي جعفر (عليه السلام): " يا ابن مسلم لا تدعن ذكر الله على كل حال، قال: ولو سمعت المنادي ينادي بالأذان وأنت على الخلاء فاذكر الله وقل كما يقول المؤذن " (1)، ولرواية أبي بصير: " إن سمعت الأذان وأنت على الخلاء فقل كما يقول المؤذن، ولا تدع ذكر الله في تلك الحال فإن ذكر الله حسن على كل حال " (2).
وظاهر قوله (عليه السلام) فيهما: " فقل كما يقول المؤذن " جواز حكاية الحيعلات بنفسها بلا تبديلها بالحولقة، وعدم ذكريتها حقيقة لا يمنع حكايتها، ولا يقتضي تبديل الحيعلات بالحولقة لتدخل في الذكر، لجواز إطلاق الذكر على مجموع الأذان تغليبا، أو لأن ذكرية أكثره وهو واحد مطلوب حكايته أوجب جواز حكاية غير الذكر منه أيضا على ما هو عليه. ورواية سلمان بن عقيل: قلت لأبي الحسن
مخ ۲۱۰