شرح نهج البلاغه
شرح نهج البلاغة
ایډیټر
محمد عبد الكريم النمري
خپرندوی
دار الكتب العلمية
شمېره چاپونه
الأولى
د چاپ کال
۱۴۱۸ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
فاختلف أصحاب علي عليه السلام في الرأي ؛ فطائفة قالت القتال ، وطائفة قالت المحاكمة إلى الكتاب ، ولا يحل لنا الحرب ، وقد دعينا إلى حكم الكتاب ؛ فعند ذلك بطلت الحرب ووضعت أوزارها .
قال نصر : وحدثنا عمرو بن شمر ، عن جابر قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين قال : لما كان اليوم الأعظم ، قال أصحاب معاوية : والله لا نبرح اليوم العرصة حتى نموت أو يفتح لنا ، وقال أصحاب علي عليه السلام : لا نبرح اليوم العرصة حتى نموت أو يفتح لنا ، فبادروا القتال غدوة في يوم من أيام الشعرى طويل ، شديد الحر فتراموا حتى فنيت النبال ، وتطاعنوا حتى تقصفت الرماح ، ثم نزل القوم عن خيولهم ، ومشى بعضهم إلى بعض بالسيوف حتى كسرت جفونها ، وقام الفرسان في الركب ، ثم اضطربوا بالسيوف وبعمد الحديد ، فلم يسمع السامعون إلا تغمغم القوم ، وصليل الحديد في الهام ، وتكاد الأفواه وكسفت الشمس ، وثار القتام ، وضلت الألوية والرايات ، ومرت مواقيت أربع صلوات ، ما يسجد فيهن لله إلا تكبيرا ، ونادت المشيخة في تلك الغمرات : يا معشر العرب ؛ الله الله في الحرمات من النساء والبنات ! قال جابر : فبكى أبو جعفر وهو يحدثنا بهذا الحديث .
قال نصر : وأقبل الأشتر على فرس محذوف ، وقد وضع مغفره على قربوس السرج ، وهو ينادي : اصبروا يا معشر المؤمنين ، فقد حمي الوطيس ، ورجعت الشمس من الكسوف ، واشتد القتال ، وأخذت السباع بعضها بعضا ، فهم كما قال الشاعر :
مضت واستأخر القرعاء عنها . . . وخلي بينهم إلا الوريع قال : يقول واحد لصاحبه في تلك الحال : أي رجل هذا لو كانت له نية ! فيقول صاحبه : وأي نية أعظم من هذه ثكلتك أمك وهبلتك ! إن رجلا كما ترى قد سبح في الدم ، وما أضجرته الحرب ، وقد غلت هام الكماة من الحر ، وبلغت القلوب الحناجر ، وهو كما تراه جزعا يقول هذه المقالة ! اللهم لا تبقنا بعد هذا ! قلت : لله أم قامت عن الأشتر ! لو أن إنسانا يقسم أن الله تعالى ما خلق في العرب ولا في العجم أشجع منه إلا أستاذه عليه السلام لما خشيت عليه الإثم ! ولله در القائل ، وقد سئل عن الأشتر : ما أقول في رجل هزمت حياته أهل الشام ، وهزم موته أهل العراق .
وبحق ما قال فيه أمير المؤمنين عليه السلام : كان الأشتر لي كما كنت لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
مخ ۱۲۶