الحديث: "وَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ" (١) أي: ليستنج بالماء، وقد يروى في الخبر: "حُتِّيهِ ثُم اقْرُصِيهِ ثُم اغْسِليهِ بالماءِ" (٢).
واحتج الشافعي بالخبر في المسألتين (٣):
إحديهما: أن مسَّ الشيء النجس لا يوجب الوضوء؛ لأنه أمر بحتِّ دم الحيض، والحتُّ يقع بالظفر ورءوس الأصابع غالبًا، ولم يأمر بالوضوء له.
والثانية: أنه لا يجب في غسل النجاسة عدد معين، فإنه أطلق النضح بالماء وأذن في الصلاة فيه بعد.
وقد يستدل به لأمور أخر:
منها: أنه لا فرق بين قدر الدرهم من الدم وبين ما فوقه.
ومنها: أنه لا فرق بين ما يدركه الطرف منه وما لا يدركه.
ومنها: العفو عن أثر الدم الباقي بعد القرص والنضح؛ فإنه أطلق الصلاة فيه بعدهما.
ومنها: ظاهر الأمر بالحتِّ والقرصِ يقتضي وجوبهما وأشعر به مشعرون، والأكثرون اقتصروا على الاستحباب، وقد يعطف الواجب على المستحب؛ لأن الترغيب يشملهما.
(١) رواه البخاري (١٣٢)، ومسلم (٣٠٣/ ١٧ - ١٩) من حديث علي قال: "كنت رجلًا مذاءً ... ".
ورواه أبو داود (٢٠٩)، والنسائي (١/ ٦٧)، وابن ماجه (٥٠٥) من حديث المقداد في قصة المذي أيضًا، وسيأتي في الكتب إن شاء الله.
(٢) قال ابن حجر في "التلخيص" (١/ ٥٥ رقم ٢٦): وأما بلفظ "ثم اغسليه بالماء" فذكره الشيخ تقي الدين في "الإلمام" من رواية مُحَمَّد بن إسحاق بن يسار، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء.
(٣) "الأم": ١/ ٥٨.