96

شرح مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية

شرح مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية

خپرندوی

دار ابن الجوزي

د ایډیشن شمېره

الثانية

د چاپ کال

١٤٢٨ هـ

ژانرونه

أما كون بعض الآيات تنْزل في مكة لحدثٍ يقع في المدينة، فقد ورد ذلك، ومن أمثلته:
في قوله تعالى: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ [القمر: ٤٥]، ورد عن عمر ما يدل على أنها آية مكية، وهي في سورة مكية.
قال الطبري: «حدثنا ابن عبد الأعلى قال: ثنا ابن ثور عن معمر عن أيوب قال: لا أعلمه إلا عن عكرمة أن عمر قال لما نزلت: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ﴾ [القمر: ٤٥] جعلت أقول: أي جمع يهزم؟
فلما كان يوم بدر رأيت النبي ﷺ يثب في الدرع ويقول: سيهزم الجمع ويولون الدبر» (١).
ثم أورد رواية عن ابن عباس تفيد أنها نزلت بعد بدر، قال: «حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا داود، عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ [القمر: ٤٥]، قال: كان ذلك يوم بدر، قال: قالوا: نحن جميع منتصر.
قال: فنَزلت هذه الآية» (٢).
وظاهرٌ هنا أن رواية عمر هي المقدَّمة، والرواية الثانية إن صحَّت عن ابن عباس، فلعله توهَّم أنها سبب النُّزول لِمَا سَمِعَ من أنَّ النبي ﷺ قرأ هذه الآيات.
ولا يقال: إن الصحابة كانوا يعلمون القرآن ونزوله، فإن علمهم بجميعه من حيث جملتهم كائنٌ، لكن ليس كلهم يعلم عن نزوله وأحواله،

(١) تفسير الطبري، ط: الحلبي (٢٧:١٠٨).
(٢) تفسير الطبري، ط: هجر (٢٢:١٥٨)، وفيه سقط في المطبوعات من تفسير الطبري، كما نبَّه عليه المحققون في طبعة هجر، وهذا السند غريب؛ لأنه من رواية علي بن أبي طلحة من غير سنده المشهور.

1 / 105