أنادي عبد الله، فنابت «يا» عن الفعل. والدليل على نبيابته عن الفعل جواز إمالة حرف النداء. والحروف لا تمال. وقد قالوا يا عبد الله [ممال]، ويا زيد. فلولا النيابة عن الفعل لما جازت الإمالة. ولأنه قد وقع بعدها المنصوب والمجرور بحرف جر كما يقع بعد الفعل. فالمنصوب قولك: يا عبد الله. والمجرور قولك: يا لزيدٍ، كما تقول: ناديت عبد الله، وصحت لزيدٍ. فدل ذلك كله على نيابة حرف النداء عن الأفعال.
وهذه الحروف تختلف معانيها. فـ «أيا» و«هيا» و«أي» و«آ» لنداء البعيد والمستثقل في نومه. والهمزة لنداء القريب والذي بين يديك. و«وا» لنداء المندوب. و«يا» هي أم الباب تستعمل للقريب والبعيد، وفي الاستغاثة والندبة وغير ذلك، لأنها قاعدة الباب وعليها المدار. وأحكام ما بعدها قد ذكرت. فكل مفرد علم صحيح يكون مضمومًا في النداء، مثل: (يوسف أعرض عن هذا). وكل مضاف أو طويل يكون منصوبًا على ما مثلنا. وكل نكرة مفردة فهي على ضربين. إن كانت مقصودة بالإقبال عليها كانت مضمومة، كالعلم المفرد، مثل: يا رجل، ويا غلام. وإن كانت غير مقصودة كانت منصوبة، مثل: يا رجلًا أقبل، ويا غلامًا، فمن أجابك فقد أتى على غرضك، لأنك لم تقصد شخصًا بعينه.