شرح مختصر د روضة
شرح مختصر الروضة
ایډیټر
عبد الله بن عبد المحسن التركي
خپرندوی
مؤسسة الرسالة
شمېره چاپونه
الأولى
د چاپ کال
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ مَصْلَحَةٍ عَاجِلَةٍ، كَإِغْنَاءِ الْفُقَرَاءِ بِالزَّكَاةِ، وَنَحْوِهِ. وَالتَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ ﷾، لَا يَصِحُّ إِلَّا بَعْدَ تَصْدِيقِ الْمُخْبِرِ عَنْهُ، وَذَلِكَ هُوَ الْإِيمَانُ. فَمَقْصُودُ الْأَوَامِرِ لَا يُتَصَوَّرُ مِنَ الْكَافِرِ قَبْلَ الْإِيمَانِ، بِخِلَافِ الْمَنَاهِي، فَإِنَّ مَقْصُودَهَا إِعْدَامُ مَفْسَدَتِهَا الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا، كَمَفْسَدَةِ الْقَتْلِ وَالزِّنَى وَالظُّلْمِ وَالْبَغْيِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَتَرْكُ هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ وَبَرَاءَةُ تَارِكِهَا مِنْ عُهْدَتِهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَصْدِيقٍ وَلَا إِيمَانٍ، وَالْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ فِيهِ سِيَّانِ.
وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنْ نَقُولَ: قَوْلُكُمُ: التَّقَرُّبُ بِالْمَأْمُورَاتِ لَا يَصِحُّ إِلَّا بَعْدَ التَّصْدِيقِ وَالْإِيمَانِ. قُلْنَا: نَعَمْ، وَكَذَلِكَ نَقُولُ، لَكِنْ لَيْسَ كَلَامُنَا فِي الصِّحَّةِ، إِنَّمَا هُوَ فِي التَّكْلِيفِ بِهَا حَالَ الْكُفْرِ، بِشَرْطِ تَقَدُّمِ الْإِسْلَامِ عَلَى فِعْلِهَا، وَقَدْ سَبَقَ دَلِيلُ ذَلِكَ وَفَوَائِدُهُ.
أَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّ الْكَافِرَ يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِتَرْكِهِ، فَيَصِحُّ تَكْلِيفُهُ بِهِ، بِخِلَافِ الْمَأْمُورَاتِ.
قُلْنَا: هَذَا مَوْضِعُ تَحْقِيقٍ وَتَفْصِيلٍ، وَبَيَانُهُ: أَنَّ الْإِنْسَانَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الشَّرْعِ مُثَابٌ وَمُعَاقَبٌ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَأْمُورٌ وَمَنْهِيٌّ، فَثَوَابُهُ يَحْصُلُ تَارَةً عَنْ فِعْلِ مَأْمُورٍ، كَالصَّلَاةِ، وَتَارَةً عَنْ تَرْكِ مَحْظُورٍ، كَالزِّنَى وَالرِّبَا، وَعِقَابُهُ يَحْصُلُ، تَارَةً عَنْ فِعْلِ مَحْظُورٍ، كَالزِّنَى، وَتَارَةً عَنْ تَرْكِ مَأْمُورٍ، كَالصَّلَاةِ، وَمَدَارُ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى النِّيَّةِ وَالْقَصْدِ، لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الشَّرْعِيَّةَ أَنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ، فَفَاعِلُ الْمَأْمُورِ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ
1 / 215