Sharh Mukhtasar Al-Sarim Al-Maslul - Muhammad Hasan Abd Al-Ghaffar
شرح مختصر الصارم المسلول - محمد حسن عبد الغفار
ژانرونه
قول ابن عمر: (ما على هذا أعطيناهم العهد)
الدليل الثالث: وفيه انقطاع: عن ابن عمر ﵁ وأرضاه أنه مر براهب فأخبره أحدهم: إني سمعت هذا الراهب يسب رسول الله، فقال ابن عمر ﵁ وأرضاه: لو سمعته لقتلته ما على هذا أعطيناهم العهد وهذا ظاهر جدًا.
وجه الدلالة: أولًا: أنه كان راهبًا -هذا أول شيء- وليس مسلمًا.
ثانيًا: أنه كان معاهدًا فانتقض عهده بسب رسول الله؛ لذلك ابن عمر يقول: لو سمعته لقتلته، يعني: ولا أرجع إلى الولي، وفي هذا الزمان أصبحت هذه مسألة فقهية: فلابد أن يرجع لولي الأمر، وليس لأحد أن يتجرأ على هذه المسألة حتى لا يأتي بالمفاسد العظام التي لا يعلمها إلا الله جل في علاه؛ لأن مقاصد الشريعة تأبى هذا، وعليك دائمًا أن تنظر إلى المصالح والمفاسد، فنقول: يقول ابن عمر بقوة: لو سمعته لقتلته ما على هذا أعطيناهم العهد.
يعني: أنهم نقضوا عهدهم بسب الرسول ﷺ.
وأختم هذه الأدلة الأثرية بحديث أخير: وهو حديث أبي برزة ﵁ وأرضاه أنه قال: بعد موت الرسول ﷺ استخلف أبو بكر ﵁ وأرضاه فجاء رجل فسبه، فقام أبو برزة وأشهر سيفه فقال: دعني أضرب عنقه، كيف يسب الخليفة؟! فقال أبو بكر: مه! والله ما كانت إلا لرسول ﷺ.
وهذا في وجود كثير من الصحابة، فأقروه على ذلك.
وهذا كفر أيضًا، ولكن على التفصيل المعلوم، ومع هذا بين أبو بكر بأن سب الرسول ليس كسب أحد من الناس، فسب الرسول يستوجب القتل، أما سب غير الرسول فلن يستوجب القتل؛ لبيان التفرقة، ولذلك قال أبو بكر: مه! ما كانت إلا لرسول الله.
وهذه يبين لك الإجماع في قوله: (ما كانت إلا لرسول الله) والصحابة يسمعون ذلك؛ فأجمعوا على كلام أبي بكر أن من سب الرسول يقتل، لكن الخلاف فيمن سب غيره.
أما من النظر: فإن الكافر المعاهد لم يعطه ولي أمر المسلمين العهد والأمان والذمة إلا بشرط عدم إيذاء المسلمين؛ لأنهم سيطلبون منا الأمان لأنفسهم بشرط عدم إيذاء المسلمين، ولذا نبين لكم أنه لا يجوز أي مسلم دخل بلاد الكفر بعقد أمان أن يفجر أو يقتل؛ لأنه لو دخل بعقد الأمان فقد أعطاهم الأمان على أنفسهم، كما أعطوه الأمان على نفسه، فلا يجوز له ذلك.
أما إذا دخل متخفيًا في بطاطس، في بصل، في سيارة، أو أي شيء فهذه مسألة ثانية يتكلم فيها الكبار من العلماء، وإنما نبين لكم أن من لوازم إعطاء عقد الأمان: أن تؤمنه على نفسه بشرط أن يؤمنك على نفسك، ويؤمنك على عرضك فلا يصل منه الإيذاء لك، وأعظم الإيذاء هو: أن يؤذيك فيمن تتأسى به، أن يؤذيك في دينك، وأن يؤذيك في رسول الله المعظم المكرم المبجل بأمر الله لديك، فإن آذاك في رسول الله فلا أمان ولا عهد له، فلا بد أن يبلغه ولي الأمر مأمنه، ثم بعد ذلك يبين له أنه أصبح من المحاربين وليس من المستأمنين.
هذه آخر الأدلة بإيجاز على الحالة الأولى وهي: حالة الكافر الذمي الذي له عقد الأمان أو المعاهد أو المستأمن إذا سب الرسول ﷺ، فالراجح: أن حده القتل، ويبقى لنا الحالة الثانية وهي: المسلم إذا سب الرسول وفيها أمور ثلاثة، أولًا: حكمه.
الثاني: حده، وإذا اتفقوا على أن حده القتل فهل يستتاب أم لا؟ الثالث: إذا تاب هل يسقط عنه حد القتل أم لا؟ هذا معترك واسع جدًا، ولعله يأخذ منا أسابيع إذا قدر الله.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، وجزاكم الله خيرًا.
5 / 10