Sharh Mukhtasar Al-Sarim Al-Maslul - Muhammad Hasan Abd Al-Ghaffar
شرح مختصر الصارم المسلول - محمد حسن عبد الغفار
ژانرونه
قوله تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر)
أولًا: من الكتاب: قال الله تعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة:٢٩] أولًا: نأخذ مقدمة حتى أبين وجه الدلالة من هذه الآية: إن الله جل في علاه بعدما مكن لرسوله ﷺ بتأسيس الدولة الإسلامية في المدينة، وأمره بنشر دعوة الإسلام، وبعدما أمره أن يكف ويضع الجناح ويصدع بالحق باللسان فقط بعد ذلك أمره بالسيف وبالسلاح، كما قال الله جل وعلا: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴾ [البقرة:١٩٣].
وكذلك قال النبي ﷺ كما في الصحيحين: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله).
والكفار أصناف: فمنهم العتاة، ومنهم المتكبرون الذين يناهضون دين الله جل في علاه ويناصرون الكفر والباطل، ولا يرضون بدين الله جل في علاه، بل يرفعون السيف في وجه الإسلام وأهله، فهؤلاء لا كرامة لهم، وهؤلاء الذين قال فيهم النبي ﷺ بعد دعوتهم للإسلام: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم) إذًا: فلا عصمة للدم ولا للمال بعدم الدخول في الإسلام.
كذلك: كان النبي ﷺ -كما في الصحيح- يبعث السرايا ويقول: (اغزوا باسم الله، قاتلوا من كفر بالله)، فكان يأمرهم بالقتال بعد تأسيس الدولة الإسلامية، وبعدما ظهرت كلمة الله جل في علاه، وظهرت القوة في الأمة الإسلامية، فيقاتلون كل الكفار للدخول في الإسلام، فإن أبى أهل الكفر إلا المذلة والمهانة، وأن يتذللوا ويخضعوا للشيطان لا للرحمن فإن الله جل في علاه جعل لهم حرية المعتقد، لكن بذلة وصغار، وبشروط وقيود، قال: «حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ»، فإن دعوتهم للإسلام فأبوا فعليك أن تدعوهم إلى أن يعطوا الجزية وهم صاغرون؛ لأنهم أبوا أن يكونوا أذلاء للرحمن، فأذلهم الله جل في علاه للشيطان، وأذلهم لعباد الرحمن، فهنا الله جل وعلا عصم دماءهم بشرطين وقيدين: أن يعطوا الجزية، ومع ذلك يكونوا في صغار وذلة، وبعض العلماء يرى أن إعطاء الجزية نفسه صغار، وهذا ليس بصحيح، وعند الجماهير: أنه لا بد من إعطاء الجزية مع القيود والشروط بالذلة والصغار، وهنا وجه الدلالة من هذه الآية العظيمة: «حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ»، فالصغار والذلة يناقضهما سب الرسول ﷺ، فلو تجرأ الذمي على سب الرسول فهذا دليل على أنه ليس ذليلًا، بل دليل تكبره وعتوه وتجبره، سبوا رسولنا، وسبوا قدوتنا، وسبوا من نتأسى به، بل سبوا أكرم الخلق على الله جل في علاه، فهذا يعتبر منافيًا لهذه الآية العظيمة، ولهذا الشرط والقيد الذي قيده الله جل في علاه في عصمة الدم، وكأن الله في هذه الآية يقول لرسول الله ﷺ: أنت تقاتلهم حتى يدخلوا في دين الله أفواجًا، فإن أبوا عليك فاعصم دماءهم بأن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون أي: في ذلة وصغار، فالصغار ينافيه ويناهضه ويناقضه سب الرسول ﷺ، فتكون هذه الآية فاصلة في النزاع، وظاهرة جدًا في أن من سب الرسول ليس بصاغر، ومن ليس بصاغر لا تقبل منه الجزية.
إذًا: فلا بد ألا نرفع عن رقبته السيف؛ لقول النبي ﷺ: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم).
5 / 5