272

شرح مشکت

شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)

ایډیټر

د. عبد الحميد هنداوي

خپرندوی

مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

د خپرونکي ځای

الرياض

ژانرونه

هو أفقه منه. ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله، والنصيحة
ــ
من هو أفقه منه» صفة لمدخول «رب» استغنى بها عن جوابها، أي رب حامل فقه أداه إلى من هو أفقه منه لا يفقه ما يفقهه المحمول إليه.
«تو»: «لا يغل» يروى بفتح الياء وضمها، وكسر العين على الصيغتين، فالأول من الغل الحقد، والثاني من الإغلال الخيانة، والمعنى المؤمن لا يغل، ولا يخون في هذه الأشياء الثلاثة، أو لا يدخله ضغن يزيله عن الحق حين يفعل شيئًا من ذلك. «فا»: المعنى أن هذه الخلال تستصلح بها القلوب، فمن تمسك بها طهر قلبه من الدغل والفساد. و«عليهن» في موضع الحال، أي لا يغل قلب المؤمن كائنًا عليهن، وإنما انتصب عن النكرة لتقدمه.
«تو»: وجه التناسب بين قوله: «نضر الله عبدًا» وبين قوله: «ثلاث لا يغل» هو أن يقول: إن النبي ﷺ لما حث من سمع مقالته على أدائها علمهم أن قلب المسلم لا يغل على هذه الأشياء، خشية أن يضنوا بها على ذوي الإحن والحقد لما يقع بينهم من التحاسد والتباغض، وبين أن أداء مقالته إلى من يسمعها من باب إخلاص العمل لله تعالى والنصيحة للمسلمين، فلا يحل له أن يتهاون به، لأنه يخل بالخلال الثلاث.
«قض»: قوله: «ثلاث» استئناف تأكيد لما قبله، فإنه ﷺ لما حضر على تعليم السنن ونشرها قفاه برد ما عسى أن يعرض مانعًا- وهو الغل- من ثلاثة أوجه: أحدها أن تعلم الشرائع ونقلها ينبغي أن يكون خالصًا لوجه الله، مبرأ عن شوائب المطامع والأغراض الدنيوية، وما كان كذلك لا يتأثر عن الحقد والحسد. وثانيها أن أداء السنن إلى المسلمين نصيحة لهم، وهي من وظائف الأنبياء، فمن تعرض لذلك وقام به كان خليفة لمن يبلغ عنه، وكما لا يليق بالأنبياء أن يهملوا أعاديهم ولا ينصحوهم لا يحسن من حامل الأخبار وناقل السنن أن يمنحها صديقه ويمنع عدوه. وثالثها أن التناقل ونشر الأحاديث إنما يكون غالبًا بين الجماعات، فحث على لزومها، ومنع عن التأبي عنها لحقد وضغينة يكون بينه وبين حاضريها ببيان ما فيها من الفائدة العظمى، وهي إحاطة دعائهم من ورائهم، فيحرسهم عن مكائد الشيطان وتسويله.
وأقول: يمكن أن يقال- والله أعلم-: إن قوله: «ثلاث» استئناف، وهي المقالة التي استوصى في حقها أن يبلغ، والكلام السابق كالتوطئة والتمهيد لها اعتناء بشأنها، والعض عليها بالنواجذ، كأن قائلًا لما سمع تلك التوصية البليغة اتجه له أن يقول: ما تلك المقالة التي استوجبت ذلك الدعاء المرغب في أداء ما سمع؟ أجيب هن ثلاث. وإنما استوجبت هذه التوصية البليغة؛ لأنها جمعت بين التعظيم لأمر الله تعالى، فإن إخلاص العمل هي مقدمة مطلوبة في

2 / 684