267

شرح مشکت

شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)

ایډیټر

د. عبد الحميد هنداوي

خپرندوی

مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

د خپرونکي ځای

الرياض

ژانرونه

٢١٩ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «خصلتان لا تجتمعان في منافق: حسن سمت، ولا فقه في الدين». رواه الترمذي. [٢١٩]
٢٢٠ - وعن أنس، قال: قال رسول الله ﷺ: «من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع». رواه الترمذي، والدارمي. [٢٢٠]
ــ
وقيل: هو طلب علم التوحيد بالنظر والاستدلال، أو النقل. وقيل: هو طلب علم الباطن، وهو وما يزداد به العبد يقينًا، وهو الذي يكتسب بصحبة الصالحين، والزهاد المقربين، فهم وراث علم النبي ﷺ.
الحديث السابع عن أبي هريرة: قوله: «حسن سمت» «فا»: هو أخذ النهج ولزوم المحجة، وأنشد الأصمعي:
خواضع بالركبان خوضًا عيونها وهن إلى البيت العتيق سوامت
ثم قيل لكل طريقة ينتجها الإنسان في تحري الخير والتزيي بزي الصالحين. «تو»: حقيقة الفقه في الدين ما وقع في القلب، ثم ظهر على اللسان، فأفاد العلم، وأورث الخشية والتقوى، فأما ما يتدارس ليتعزز به فإنه بمعزل من الرتبة العظمى؛ لأن الفقه تعلق بلسانه دون قلبه.
أقول: قوله: «خصلتان لا تجتمعان» ليس المراد أن واحدًا منها قد يحصل في المنافق دون الأخرى، بل هو تحريض للمؤمنين على اتصافهم بهما معًا، والاجتناب عن أضدادهما، فإن المنافق من يكون عاريًا منهما، وهو من باب التغليظ، ونحوه قوله تعالى: ﴿وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكوة﴾ وليس من المشركين من يزكى، لكن حث للمؤمنين على الأداء، وتخويف من المنع حيث جعله من أوصاف المشركين. و«حسن» عطف «ولا فقه» على «حسن سمت» وهو مثبت؛ لأنه في سياق النفي.
الحديث الثامن عن أنس: قوله: «في سبيل الله» «مظ»: وجه مشابهة طلب العلم بالمجاهدة في سبيل الله أنه إحياء الدين، وإذلال الشيطان، وإتعاب النفس، وكسر الهوى واللذة.
أقول: ويؤيده قوله تعالى: ﴿وما كان المؤمنون لينفروا كافة﴾ الآية، حض المؤمنين على التفقه في الدين، وأمرهم بأن ينفر من كل منهم طائفة إلى الجهاد، ويبقى طائفة يتفقهون، حتى لا ينقطعوا عن التفقه الذي هو الجهاد الأكبر، وفي قوله «حتى يرجع» إشارة إلى أنه بعد الرجوع وإنذار القوم له درجة أعلى من تلك الدرجة؛ لأنه حينئذ وارث الأنبياء في تكميل الناقصين.

2 / 679