214

شرح مشکت

شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)

پوهندوی

د. عبد الحميد هنداوي

خپرندوی

مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

د خپرونکي ځای

الرياض

ژانرونه

من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا. ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه. لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا» رواه مسلم [١٥٨]
١٥٩ - وعنه قال: قال رسول الله ﷺ: «بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود كما بدأ، فطوبى للغرباء» رواه مسلم [١٥٩].
ــ
والأعصار إلى يوم الدين، ونرجو من رحمة الله وكرمه أن يكون سعينا في هذا الكتاب منتظمًا في هذا السلك، ويرحم الله عبدًا قال: آمينا.
الحديث العشرون عن أبي هريرة ﵁: قوله: «بدأ الإسلام» «مح»: بدأ بالهمزة من الابتداء، كذا ضبطناه. «تو»: يريد أن الإسلام لما بدأ في أول الوهلة نهض بإقامته والذب عنه أناس قليلون من أشياع الرسول ﷺ، ونزاع القبائل فشردوهم عن البلاد، ونفوهم عن عقر الديار، يصبح أحدهم معتزلا مهجورًا، ويبيت منتبذًا وحدانًا كالغرباء، ثم يعود آخرًا إلى ما كان عليه، لا يكاد يوجد من القليلين إلا الأفراد. ويحتمل أن تكون المماثلة بين الحالة الأولى والحالة الأخيرة لقلة من كانوا يتدينون به في الأول، وقلة من كانوا يعملون به في الآخر، فطوبى للغرباء المتمسكين بحبله المتشبثين بذيله.
أقول: لا يخلو إما أن يستعار الإسلام للمسلمين، فالغربة هي القرينة، فيرجع معنى الوحدة والوحشة إلى نفس المسلمين، وإما أن يجري الإسلام على الحقيقة، فالكلام فيه على التشبيه، والوحدة والوحشة باعتبار ضعف الإسلام وقلته، فعلى هذا «غريبًا» إما حال، أي بدأ الإسلام مشابهًا للغرباء، أو مفعولا مطلقًا، أي الإسلام ظهر ظهور الغرباء حين بدأ فريدًا وحيدًا، لا مأوى له، حتى تبوأ دار الإسلام أعنى طيبة، فطوبى له وطاب عيشًا، ثم أتم الله نوره، فانبث في الآفاق فبلغ مشارق الأرض ومغاربها، فيعود في آخر الأمر وحيدًا فريدًا شريدًا إلى طيبة كما بدأ، فطوبى له ولهفى عليه، كما ورد: «الإيمان يأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى حجرها» فعلى هذا «طوبى» ترشيح الاستعارة والله أعلم.

2 / 626