212

شرح مشکت

شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)

پوهندوی

د. عبد الحميد هنداوي

خپرندوی

مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

د خپرونکي ځای

الرياض

ژانرونه

١٥٧ - وعن ابن مسعود، قال: قال رسول الله ﷺ: «ما من نبي بعثه الله في أمته قبلي إلا كان له في أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته، ويتقدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن
ــ
الحديث الثامن عشر عن ابن مسعود: قوله: «في أمته قبلي» «تو»: هذا الحرف أعنى «في أمة» وجدنا في نسخ المصابيح «في أمته» بزيادة هاء، ونحن نرويه بغير هاء عن كتاب مسلم وغيره، وهو الصواب، والأمثل في فصيح الكلام.
قال المؤلف: وقد وجدت في كتاب الحميدي والجامع والمشارق بغير هاء، وفي صحيح مسلم كما في المصابيح.
«مظ» الرواية بالهاء أصح. وأقول: إن قوله: «نبي» نكرة، والمناسب أن يؤتى «أمة» نكرة، إذ المعنى ما من نبي من الأنبياء في أمة من الأمم، لاقتضاء «ما» النافية و«من» الاستغراقية ذلك، ولأن قوله: «كان له من أمته» عبارة عن النكرة، فهو كالتعريف باللام بعد النكرة.
«الحواري» الناصر، وأصله أن أصحاب عيسى ﵇ كانوا قصارين يبيضون الثياب، فلما صاروا أنصاره قيل لكل ناصر لنبيه: حواري، وهو الوجه المستقيم؛ لأنهم خلصان الأنبياء، ولأن حواري الرجل صفوته وخالصته الذي أخلص ونقى من كل عيب. و«الخلف» بالتحريك والتسكين، وخص الأول بالخلف الصدق، والثاني بالسوء، ويجمع خلف على أخلاف، كسلف وأسلاف، وخلف على خلوف، كعدل وعدول، والمعنى أنه يجيء من بعد أولئك السلف الصالح أناس لا خير فيهم، ولا خلاق لهم في أمور الديانات.
وقوله: «حبة خردل» يعني أدنى مراتب أهل الإيمان تضطرب قلوبهم لظهور المنكر، ويكون منه في جهد وعناء، حتى لا يستقر، ولا ينقطع النزاع عنها، فإن استقرت على ذلك وانقطع عنها النزاع الذي هو حق الإيمان وسمت المؤمنين وسمتهم – أذنت بأنها خالية عن القوى الإيمانية، عرية عن الصفات النورانية.
وأقول: إن ذهب إلى الرواية الصحيحة يكون «من قبلي» صفة «أمة»، وإلى الأخرى يجوز أن يتعلق بـ «نعت»، أو يكون حالا من «أمته»، و«أصحاب» يجوز أن يكون عطفًا تفسيريًا على «الحواريون»، وأن يكون الأصحاب غير الحواريين. و«ثم» ههنا يجوز أن يجري على الحقيقة، وعلى معنى البعد في المرتبة. والضمير في «أنها» للقصة، والجملة بعدها مفسرة لها، وصف الخلوف بوصفين مقابلين، لما وصف الأصحاب بهما فهم تصلفوا، حيث قالوا: فعلنا ما أمرنا به من واجبات الدين، وفضائل الأعمال، ولم يفعلوا شيئًا من ذلك، بل فعلوا ما نهوا عنه، وهو

2 / 624