128

شرح مشکت

شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)

پوهندوی

د. عبد الحميد هنداوي

خپرندوی

مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

د خپرونکي ځای

الرياض

ژانرونه

وفي رواية لمسلم قال: «كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة، العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه». ٨٧ - وعن عمران بن حصين: أن رجلين من مزينة قالا: يا رسول الله! أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه؟ أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر سبق، أو ــ وكنت إذا أرسلت طرفك رائدا لقلبك يوما أتعبتك المناظر رأيت الذي لا كله أنت قادر عليه ولا عن بعضه أنت صابر الإسناد في قوله: «الفوج يصدقه أم يكذبه» مجازي؛ لأن الحقيقي هو أن يسند إلى الإنسان، فأسنده إلى الفرج؛ لأنه مصدر الفعل والسبب القوي. الحديث التاسع عن عمران: قوله: «أرأيت» معناه أخبرني، من إطلاق السبب على المسبب؛ لأن مشاهده الأشياء طريق الإخبار عنها، و«الهمزة» فيه مقررة أي قد رأيت ذلك فأخبرني. «الكدح» جهد النفس في العمل والكد فيه حتى يؤثر فيها، من كدح جلده إذا خدشه، كذا في الكشاف. و«من» في «من قدر» يجوز أن تكون بيانا «لشيء» فيكون القضاء والقدر شيئا واحدا، وأن تكون ابتدائية متعلقة بـ «قضي» أي قضى عليهم لأجل قدر سبق، وقضاء نشأ وابتدأ من قدر، فيكون القدر سابقا على القضاء. «نه»: المراد بالقدر التقدير، وبالقضاء الخلق، كقوله تعالى: ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ﴾ أي خلقهن، فالقضاء والقدر أمران متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر؛ لأن أحدهما يمنزلة الأساس وهو القدر، والآخر بمنزلة البناء وهو القضاء، فمن رام التفصيل بينهما فقد رام هدم البناء ونقضه. «غب»: القضاء من الله أخص من القدر؛ لأن الفصل بين التقدير، والقدر هو التقدير، والقضاء هو الفصل والقطع، وقد ذكر بعض العلماء: أن القدر بمنزلة المعد للكيل، والقضاء بمنزلة الكيل؛ ولهذا لما قال أبو عبيدة لعمر ﵄ لما أراد الفرار من الطاعون بالشام: «أتفر من القضاء؟ قال: أفر من قضاء الله إلى قدر الله» تنبيها على أن القدر ما لم يكن قضاء فمرجو أن يدفعه الله، فإذا قضى فلا مدفع له، ويشهد بذلك قوله ﷿: ﴿كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًا﴾ تنبيها على أنه صار بحيث لا يمكن تلافيه. وأقول: يؤيد هذا حديث الرقى كما سيجيء، وهذا البيان هو الذي وعدناه في حديث جبريل

2 / 540