شرح مقاصد په علم الکلام کې
شرح المقاصد في علم الكلام
خپرندوی
دار المعارف النعمانية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
1401هـ - 1981م
د خپرونکي ځای
باكستان
ژانرونه
الثالث إنا نسمع صوت من يحول بيننا وبينه جدار صلب مع القطع بامتناع نفوذالهواء في المنافذ من غير أن يزول عنه ذلك الشكل الذي هو أضعف وأسرع زوالا من الرقم على الماء وقد صار مثلا في عدم البقاء وأجيب بأنه إذا لم يكن للحائل منافذ أصلا ولا يكون هناك طريق آخر للهواء فلا نسلم السماع إلا يرى أنه كلما كانت المنافذ أقل كان السماع أضعف وإما بقاء الشكل فإن أريد به حقيقة التشكل الذي يعرض للهواء فيصير سببا لحدوث الكيفية المخصوصة فلا حاجة لنا إلى بقائه لأنه من المعدات وإن أريد به تلك الكيفية المسببة عنه المسماة بالصوت والحرف فلا استحالة بل لا استبعاد في بقائه مع النفوذ في المضايق والحق أن قيام تلك الكيفية المخصوصة الغير القارة لكل جزء من أجزاء الهواء بدليل أن كل من في تلك المسافة يسمعها وبقاء أجزاء الهواء مع فرط لطافتها على تلك الهيئة والكيفية مع هبوب الرياح ومع النفوذ في منافذ الأجسام الصلبة مستبعد جدا وأبعد منه حديث الصدى وهو أن الهواء إذا تموج وقاومه جسم أملس كجبل أو جدار بحيث يرد ذلك المتموج إلى خلف على هيئته كما في الكرة المرمية إلى الحائط المقاوم لها حدث من ذلك صوت هو الصدى وترددوا في أن حدوثه من تموج الهواء الأول الراجع على هيئته أو من تموج هواء آخر بيننا وبين المقاوم متكيف بكيفية الهواء الراجع وهذا هو الأشبه وكيف ما كان فبقاء الهواء على كيفيته التي لا استقرار لها مع مصادمة الجسم الصلب ثم رجوعه على هيئته وإحداثه كيفية فيما يجاوره وزواله بمجرد الوصول إلى الصماخ من المستبعدات التي تكاد تلحق بالمحالات قال المبحث الثاني قد تعرض للصوت كيفية بها يتميز عن صوت آخر يماثله في الحدة والثقل تميزا في المسموع والحرف هي تلك الكيفية العارضة في عبارة ابن سينا وذلك الصوت المعروض في عبارة جمع من المحققين ومجموع العارض والمعروض في عبارة البعض وكأنه أشبه بالحق وقيد المماثلة بالحدة والثقل أي الزبرية والنمية احترازا عنهما فإن كلا منهما يفيد تميز صوت عن صوت آخر تميزا في المسموع لكن في صوتين يكونان مختلفين بالحدة والثقل ضرورة وقيد التمييز بالمسموع احترازا عن مثل الطول والقصر والطيب وغيره فإن التميز بها لا يكون تميزا في المسموع لأنها ليست بمسموعة إلا أن في كونها من الكيفيات نظرا فالأولى أنه اختراز عن مثل الغنة والنحوحة بقي النظر في دلالة قولنا تميزا في المسموع على أن يكون ما به التميز مسموعا وفي أن الحدة والثقل من المسموعات بخلاف الغنة والنحوحة والحق أن معنى التميز في المسموع ليس أن يكون ما به التميز مسموعا بل أن يحصل به التميز في نفس المسموع بأن يختلف باختلافه ويتحد باتحاده كالحرف بخلاف مثل الغنة والنحوحة وغيرها فإنها قد تختلف مع اتحاد المسموع وبالعكس وما وقع في الطوالع من أن الحروف كيفيات تعرض للأصوات فيتميز بعضها عن البعض في الثقل والخفة كلام لا يعقل له معنى وكأنه جعل قوله في الثقل متعلقا بمحذوف أي عن البعض المماثل له في الثقل وأراد بالخفة الحدة وترك قيد التميز في المسموع لشهرته وكفى بهذا اختلالا والحق أن تعريف الحرف بما ذكر تعريف بالأخفى وكان المقصود مزيد تفصيل للماهية الواضحة عند العقل وتنبيه على خصوصياتها قال وينقسم إلى صامت ومصوت الحركات الثلاث تعد عندهم في الحروف وتسمى المصوته المقصورة والألف والواو والياء إذا كانت ساكنة متولدة من حركات تجانسها أعني الألف من الفتحة والواو من الصمة والياء من الكسرة تسمى المصوتة الممدودة وهي المسماة في العربية بحروف المد لأنها كأنها مدات للحركات وما سوى المصوتة تسمى صامتة ويندرج فيها الواو والياء المتحركتان أو الساكنتان إذا لم يكن قبل الواو ضمة وقبل الياء كسرة وأما الألف فلا يكون إلا مصوتا وإطلاقها على الهمزة باشتراك الاسم وليس المراد بالحركة والسكون ههنا ما هو من خواص الأجسام بل الحركة عبارة عن كيفية حاصلة في الحروف الصامة من إمالة مخرجه إلى مخرج إحدى المدات فإلى الألف فتحة وإلى الواو ضمة وإلى الياء كسرة ولا خلاف في امتناع الابتداء بالصوت وإنما الخلاف في أن ذلك بسكونه حتى يمتنع الابتداء بالساكن الصامت أيضا أو لذاته لكونه عبارة عن مدة متولدة من أشباع حركة تجانسها فلا يتصور إلا حيث يكون قبلها صامت متحرك وهذا هو الحق لأن كل سليم الحس يجد من نفسه إمكان الابتداء بالساكن وإن كان مرفوضا في لغة العرب كالوقف على المتحرك والجمع بين الساكنين من الصوامت إلا في الوقف مثل زيد وعمرو وإذا كان الصامت الأول حرف لين والثاني مدغما نحو حويصة فإنه جائز كما إذا كان الأول مصوتا نحو دابة وعدم قدرة البعض على الابتداء بالساكن لا يدل على امتناعه كالتلفظ ببعض الحروف فإن ذلك لقصور في الآلة والاستدلال على الإمكان بأن المصوت أينما كان مشروط بالصامت فلو كان الصامت مشروطا به في بعض المواضع كالابتداء لزم الدور ليس بشيء لأن المصوت مشروط بأن يسبقه صامت والصامت في الابتداء مشروط بأن يلحقه مصوت مقصور فيكونان معا ولا استحالة فيه قوله وينقسم أي الحرف باعتبار آخر إلى آني وزماني لأنه إن أمكن تمديده كالفاء فزماني وإن لم يمكن كالطاء فآني وهو إنما يوجد في أول زمان إرسال النفس كما في طلع أو في آخر زمان حبسه كما في غلظ وما يقع في وسط الكلمة مثل بطل يحتمل الأمرين وعروض الآني للصوت يكون بمعنى أنه طرف له كالنقطة للخط ومن الآني ما يشبه الزمان كالحاء والخاء ونحوهما مما لا يمكن تمديده لكن تجتمع عند التلفظ بواحد منها أفراد متماثلة ولا يشعر الحس بامتياز زمان بعضها عن بعض فيظن حرفا واحدا ( قال وإلى متماثل ) يريد أن الحروف التسعة والعشرين الواقعة في لغة العرب وما سواها مما يقع في بعض اللغات أنواع مختلفة بالماهية وقد يختلف أفراد كل منها بعوارض مشخصة كالياء الساكنة التي يتلفظ بها زيد الآن أو في وقت آخر أو يتلفظ بها عمرو أو غير مشخصة كالياء الساكنة أو المتحركة بالفتحة أو الضمة أو الكسرة فمع قطع النظر عن اللافظ تكون أفراد النوع الواحد أما متحددة في السكون والحركة كاليائين الساكنتين أو المتحركتين بالفتحة أو الضمة أو الكسرة وإما مختلفة كالياء الساكنة والمتحركة أو المفتوحة والمضمومة وهذا هو المعنى بالتماثل والاختلاف بحسب العارض وبهذا يندفع ما يقال أنه إن أريد بالتماثل الاتحاد بالحقيقة على ما هو المصطلح لم يكن المختلف بالعارض مقابلا للمتماثل وإن أريد الاتحاد في العارض أيضا كانت الياآن الساكنتان من قبيل المختلفة ضرورة أنه لا يتصور التعدد بدون اختلاف ولو بعارض ( قال والصامت مع المصوت ) قد اشتبه على بعض المتأخرين معنى القطع مع اشتهاره فيما بين القوم فأوردنا في ذلك ماصرح به الفارابي وابن سينا والإمام وغيرهم وهو أن الحرف الصامت مع المصوت المقصور يسمى مقطعا مقصورا مثل ل بالفتح أو الضمة أو الكسر ومع المصوت الممدود يسمى مقطعا ممدودا مثل لا ولو ولى وقد يقال المقطع الممدود لقطع مقصور مع صامت ساكن بعده مثل هل وقل وبع لمماثلته المقطع الممدود في الوزن فإن قيل لا حاجة إلى هذا التفصيل فإن المقطع الممدود ليس إلا مقطعا مقصورا مع ساكن بعده سواء كان مصوتا مثل لا أو صامتا مثل هل ولهذا يقال أن المقطع حرف مع حركة أو حرف متحرك مع ساكن بعده والأول المقصور والثاني الممدود قلنا المقطع الممدود بالاعتبار الثاني صامتان هما الهاء واللام في هل بينهما مصوت مقصور هو فتحة الهاء وبالاعتبار الأول مجرد صامت ومصوت ممدود ليس بينهما مصوت مقصور على ما يراه أهل العربية من أن لا لام وألف بينهما فتحة وذلك لأن المصوت الممدود ليس إلا إشباعا للمصوت المقصور فيكون المقصور مندرجا في الممدود جزأ منه وهذا ما يقال أن الحركات أبعاض حروف المد فلا يكون لا إلا صامتا مع مصوت ممدود ( قال ويتألف من الحروف الكلام ) ويفسر بالمنتظم من الحروف المسموعة المتميزة ويحترز بالمسموعة عن المكتوبة والمتخيلة وبالمتميزة عن أصوات الطيور والكلام ينقسم إلى المهمل والموضوع والموضوع إلى المفرد والمركب والمفرد إلى الاسم والفعل والحرف والمركب إلى التام الذي يصح السكوت عليه وإلى غير التام واللفظ أعم من الحروف والكلام وقد يخص الكلام باللفظ المفيد بمعنى دلالته على نسبة يصح السكوت عليها سواء كانت إنشائية مثل قم وهل زيد قائم ولعل زيدا قائم ونحو ذلك أو إخبارية مثل زيد قائم وسواء كان اللفظ مقطعا مقصورا مثل ق أو ممدودا مثل قي وقو أو مركبا من المقاطع كما ذكر وقد يخص اللفظ بما يتألف من المقاطع فيقابله الحرف والمقطع ولذا يقال أجزاء المركب ألفاظ أو حروف أو مقاطع فزيد قائم من لفظين ويادا من مقطعين ويا زيد من مقطع ولفظ ورى في أمر المخاطبة من مقطع وحرف وأرضى واخشوا من لفظ وحرف ويشكل بمثل قي وقو فإن كلا منهما مقطع ممدود فقط إلا أن يقال أنه من حرفين صامت ومصوت وإما مثل ق فمن مقطع مقصور ولفظ هو الضمير المستتر أعني أنت وهذا بخلاف قي وقو فإن كلا من الياء والواو اسم ولا مستتر هناك ( قال وزعم الفارابي ) إن القول من مقولة الكم وأن الكم المنفصل أيضا ينقسم إلى قار هو العدد وإلى غير قار هو القول واحتج بأنه ذو جزء يتقدر بجزئه وكل ما هو كذلك فهو كم وفاقا بيان الصغرى أن أجزاء الأقاويل مقاطع مقصورة أو ممدودة يقع فيها التركيب بأن يردف مقصور بممدود مثل على أو بالعكس مثل كان ثم تركب هذه المقاطع مرة أخرى فيحدث أشياء أعظم مما تقدم فأصغر ما تتقدر به الألفاظ هي المقاطع البسطية المقصورة ثم الممدودة ثم بعدها المركبة وأكملها ما ذكر فيه المقصور أو لا ثم أردف بالممدود والقول ربما يتقدر بواحد منها وربما يحتاج إلى أن يقدر باثنين أو أكثر كسائر المقادير فإن منها ما يقدره ذراع فستعرفه ومنها ما يحتاج إلى ذراعين وأكثر وأجيب بمنع الكبرى وإنما ذلك إذا كان التقدر لذاته وههنا إنما عرض للقول خاصية الكم من جهة الكثرة التي فيه كما أن الجسم يتقدر بالذراع ونحوه لما فيه من الكم المتصل ( قال النوع الرابع المذوقات ) المشهور أن أصول الطعوم أي بسائطها تسعة حاصلة من ضرب أحوال ثلاثة للفاعل هي الحرارة والبرودة والاعتدال بينهما في أحوال ثلاث للقابل هي اللطافة والكثافة والاعتدال بينهما وبيان آنية ما ذكر من التأثيرات ولميتها مذكورة في المطولات ثم يتركب من التسعة طعوم لا تحصى مختلفة باختلاف التركيبات واختلاف مراتب البسائط قوة وضعفا وامتزاج شيء من الكيفيات اللمسية بها بحيث لا تتميز في الحس وهذه المركبات قد يكون لها أسماء كالبشاعة للمركب من المرارة والقبض كما في الحضض بضم الضاد الأولى وفتحها نوع من الدواء هو عصارة شجرة تسمى فيلزهدج وكالزعوقة للمركب من المرارة والملوحة كما في الشيحة وقد لا يكون كالحلاوة والحرافة في العسل المطبوخ والمرارة والتفاهة في الهندبا والمرارة والحرافة والقبض في الباذنجان والفرق بين القبض والعفوصة أن القابض يقبض ظاهر اللسان والعفص ظاهره وباطنه والتفاهة المعدودة في الطعوم هي مثل ما في اللحم والخبز وقد يقال التفه لما لا طعم له أصلا كالبسائط ولما لا يحس بطعمه لأنه لا يتحلل منه شيء بخلط الرطوبة اللعابية إلا بالحيلة كالحديد وما قيل أن هذا هو الذي يعد في الطعوم يبطله ما قالوا أن طعم الهندبا مركب من المرارة والتفاهة لا مرارة محضة ( قال النوع الخامس المشمومات ) وليس فيها محل بحث واعلم أنهم وإن أجروا هذه الأوصاف أعني المبصرات والمسموعات والملموسات والمذوقات والمشمومات على الأنواع الخمسة من الكيفيات بل جعلوها بمنزلة الأسماء لها فهي بحسب اللغة متفاوتة في الوقوع على الكيفية أو على المحل أو عليهما جميعا وفي كون مصادرها موضوعة لذلك النوع من الإدراك كالإبصار والسماع أو لما يفضي إليه كالبواقي ومن ههنا يقال أبصرت الورد وحمرته وسمعت الصوت لا مصوته ولمست الحرير لا لينه وذقت الطعام وحلاوته وشممت العنبر ورائحته ( قال القسم الثاني ) أي من الأقسام الأربعة للكيف الكيفيات المختصة بذوات الأنفس الحيوانية بمعنى أنها إنما تكون من بين الأجسام للحيوان دون النبات والجماد فلا يمتنع ثبوت بعضها لبعض المجردات من الواجب تعالى وغيره على أن القائلين بثبوت صفة الحياة والعلم والقدرة ونحوها للواجب لا يجعلونها من جنس الكيفيات والأعراض ثم الكيفية النفسانية إن كانت راسخة سميت ملكة وإلا فحالا فالتمايز بينهما قد لا يكون إلا بعارض بأن تكون الصفة حالا ثم تصير بعينها ملكة كما أن الشخص من الإنسان يكون صبيا ثم يصير شيخا ومثل ذلك وإن كان سبق إلى الوهم ويقع في بعض العبارات أنه هو ذلك الشخص بعينه فليس كذلك بحسب الحقيقة للقطع بتغاير العوارض المشخصة ( قال فمنها الحياة ) سيجيء معنى الحياة في حق الله تعالى وأما حياة الحي من الأجسام فقد اختلفت العبارات في تفسيرها لا من جهة اختلاف في حقيقتها بل من جهة عسر الاطلاع عليها والتعبير عنها إلا باعتبار اللوازم والآثار فقيل هي صفة تقتضي الحس والحركة مشروطة باعتدال المزاج والقيد الأخير للتحقيق على ما هو رأي البعض لا للاحتراز وقيل قوة هي مبدأ لقوة الحس والحركة وكان هذا هو المراد بالأول ليتميز عن قوة الحس والحركة وقيل قوة تتبع اعتدال النوع ويفيض عنها سائر القوى الحيوانية أي المدركة والمحركة على ما سيجيء تفصيلها ومعنى اعتدال النوع هو أن لكل نوع من المركبات العنصرية مزاجا خاصا هو أصلح الأمزجة بالنسبة إليه بحيث إذا خرج عن ذلك المزاج لم يكن ذلك النوع ثم لكل صنف من ذلك النوع ولكل شخص من ذلك الصنف مزاج يخصه هو أصلح بالنسبة إليه ويسمى الأول اعتدالا نوعيا والثاني صنفيا والثالث شخصيا ولهذا زيادة تفصيل وتحقيق يذكر في بحث المزاج فإذا حصل في المركب اعتدال يليق بنوع من أنواع الحيوان فاض عليه قوة الحياة فانبعثت عنها بإذن الله تعالى الحواس الظاهرة والباطنة والقوى المحركة نحو جلب المنافع ودفع المضار فتكون الحياة مشروطة باعتدال المزاج ومبدأ القوة الحس والحركة فتغايرهما بالضرورة وكذا تغاير القوة الغاذية لوجودها في النبات بخلاف الحياة لكن هذا إنما يتم لو ثبت أن الحياة مبدأ لقوة الحس والحركة لا نفسها وأن الغاذية في النبات والحيوان حقية واحدة ليلزم من مغايرة تلك الحياة مغايرة هذه لها فاسدلوا على مغايرة الحياة لقوة الحس والحركة ولقوة التغذية الحيوانية بأن الحياة موجودة في العضو المفلوج للحيوان من غير حس وحركة وفي العضو الذابل من غير اغتذاء واعترض الإمام بأن عدم الإحساس والحركة وعدم الاغتذاء لا يدلان على عدم قوة الحس والحركة وعدم قوة التغذية لجواز أن توجد القوة ولا يصدر عنها الأثر لمانع من جهة القائل وأجيب بأن القوة ما يصدر عنه الأثر بالفعل بمعنى أنى نريد أن القوة التي تصدر عنها بالفعل آثار الحياة كحفظ العضو عن التعفن مثلا باقية والقوة التي يصدر عنها بالفعل الحس والحركة والتغذية غير باقية فلا تكون هي هي بهذا يشعر كلام تلخيص المحصل وليس معناه أن القوة اسم لما يصدر عنه الأثر بالفعل فإنه ظاهر البطلان كيف وهو قد صرح بأن في العضو المفلوج قوة الحس والحركة باقية لكنها عاجزة عن الإحساس والحركة نعم يتوجه أن يقال لم لا يجوز أن يكون مبدأ جميع تلك الآثار قوة واحدة هي الحياة وقد يعجز عن البعض دون البعض لخصوصية المانع لكن الحق أن مغايرة المعنى المسمى بالحياة للقوة الباصرة والسامعة وغيرهما من القوى الحيوانية والطبيعية مما لا يحتاج إلى البيان ( قال وعندنا لا يشترط ) ذهب جمهور المتكلمين إلى أن تحقق المعنى المسمى بالحياة ليس مشروطا باعتدال المزاج والبنية والروح الحيواني للقطع بإمكان أن يخلقها الله تعالى في البسائط بل في الجزء الذي لا يتجزأ والمراد بالبنية البدن المؤلف من العناصر الأربعة وبالروح الحيواني جسم لطيف بخاري يتكون من لطافة الأخلاط تنبعث من التجويف الأيسر من القلب ويسرى إلى اليد في عروق نابتة من القلب تسمى بالشرايين وذهب الفلاسفة وكثير من المعتزلة إلى أن هذا الاشتراط بناء على ما يشاهد من زوال الحياة بانتقاض البنية وتفرق الأجزاء وبانحراف المزاج عن الاعتدال النوعي وبعدم سريان الروح في العضو لشدة أو شدة ربط يمنع نفوذه ورد بأن غايته الدوران وهو لا يقتضي الاشتراط بحيث يمنع بدون تلك الأمور واستدل بعض المتكلمين على امتناع كون الحياة مشروطة بالبنية بأنها لو اشترطت فإما أن تقوم بالجزئين من البنية حياة واحدة فيلزم قيام العرض بأكثر من محل واحد وقد مر بطلانه وإما أن يقوم بكل جزء حياة وحينئذ إما أن يكون القيام بكل جزء مشروطا بالقيام بالآخر فيلزم الدور أولا فيلزم الرجحان بلا مرجح لتماثل الأجزاء واتحاد حقيقة الحياة لا يقال لم لا يجوز أن يقوم بالبعض فقط لأسباب مرجحة من الخارج لأنا نقول فيكون الحي هو ذلك البعض لا البنية المؤلفة وأجيب بأنها تقوم بالمجموع الذي هو البنية المؤلفة وليس هذا من قيام العرض بمحلين على ما سبق أو يقوم بكل جزء حياة ويكون اشتراط كل بالآخر بطريق المعية دون التقدم فلا يلزم الدور المحال أو يكون قيامها ببعض الأجزاء مشروطا بقيام حياة بالآخر من غير عكس لمرجح يوجد في الخارج وإن لم يطلع عليه لا يقال فحينئذ تكون الحياة غير مشروطة بالبنية حيث تحققت في الجزء الآخر من غير شرط لأنا نقول عدم اشتراط قيام الحياة به بقيام حياة بالجزء الأول لا يستلزم عدم اشتراطه بوجود الجزء الأول الذي به يتحقق البنية ( قال وأما الموت ) فزوال الحياة ومعنى زوال الصفة عدمها عما يتصف بها بالفعل وهذا معنى ما قيل أنه عدم الحياة عما من شأنه أي عما يكون من أمره وصفته الحياة بالفعل فيكون عدم ملكة للحياة كما في العمى الطاري بعد البصر لا كمطلق العمى ولا يلزم كون عدم الحياة عن الجنين عند استعداده للحياة موتا فعلى هذا يكون الموت عدميا وقيل هو كيفية تضاد الحياة فيكون وجوديا وعلى هذا ينبغي أن يحمل ما ذكره المعتزلة من أن الموت فعل من الله تعالى أو من الملك يقتضي زوال حياة الجسم من غير حرج واحترز بالقيد الأخير عن القتل وحمل الفعل على الكيفية المضادة مبني على أن المراد به الأثر الصادر عن الفاعل إذ لو أريد به التأثير على ما هو الظاهر لكان ذلك تفسيرا للإماتة لا للموت وقد يستدل على كون الموت وجوديا بقوله تعالى
﴿خلق الموت والحياة﴾
فإن العدم لا يوصف بكونه مخلوقا ويجاب بأن المراد بالخلق في الآية التقدير وهو يتعلق بالوجودي والعدمي جميعا ولو سلم فالمراد بخلق الموت إحداث أسبابه على حذف المضاف وهو كثير في الكلام ومثل هذا وإن كان خلاف الظاهر كاف في دفع الاحتجاج ( قال ومنها ) أي من الكيفيات النفسانية الإدراك وقد سبق نبذ من الكلام فيه والذي استقر عليه رأي المحققين من الفلاسفة أن حقيقة إدراك الشيء حضوره عند العقل إما بنفسه وإما بصورته المنتزعة أو الحاصلة ابتداء المرتسمة في العقل الذي هو المدرك أو آلته التي بها الإدراك وهذا معنى ما قال في الإشارات إدراك الشيء هو أن تكون حقيقته متمثلة عند المدرك يشاهدها ما به يدرك على أن المراد بتمثل الحقيقة حضورها بنفسها أو بمثالها سواء كان المثال منتزعا من أمر خارج أو متحصلا ابتداء وسواء كان منطبعا في ذات المدرك أو في آلته والمراد بالمشاهدة مطلق الحضور وفي قوله يشاهدها ما به يدرك تنبيه على انقسام الإدراك إلى ما يكون بغير آلة فيكون ارتسام الصورة في ذات المدرك وإلى ما يكون بآلة فيكون في محل الحس كما في الإبصار بحصول الصورة في الرطوبة الجليدية أو في المجاور كإدراك الحس المشترك بحصول الصورة الخيالية في محل متصل به والمراد بالمشاهدة مجرد الحضور على ما هو معناها اللغوي لا الإبصار وإدراك عين الشيء الخارجي على ما هو المتعارف ليلزم فساد التفسير نعم تضمنت العبارة في جانب الإدراك العقلي تكرارا بحسب اللفظ كأنه قيل هو حضور عند المدرك حال الحضور عنده لأن ما به الإدراك العقلي هو ذات المدرك وفي جانب الإدراك الحسي تكرارا بحسب المعنى حتى كان هناك حضوران أحدهما عند المدرك والآخر عند الآلة وليس كذلك بل الحضور عند النفس هو الحضور عند الحس وتحقيق المقام أنا إذا أدركنا شيئا فلا خفاء في أنه يحصل لنا حال لم تكن وتكاد تشهد الفطرة بأنها بحصول أمر لم يكن لا بزوال أمر كان وما ذاك إلا تميزا وظهورا لذلك الشيء عند العقل وليس ذلك بوجوده في الخارج إذ كثيرا ما ندرك ما لا وجود له في الخارج من المعدومات بل الممتنعات وكثيرا ما يوجد الشيء في الخارج ولا يدركه العقل مع تشوقه إليه بل بوجوده في العقل بمعنى أن يحصل فيه أثر يناسب ذلك الشيء بحيث لو وجد في الخارج لكان إياه وهذا هو المعنى بحصول الصورة وحضورها وتمثلها وارتسامها ووصول النفس إليها ونحو ذلك ولا يفهم من إدراك الشيء سواه والاعتراض بأن الإدراك صفة المدرك والحصول ونحوه صفة الصورة مما لا يلتفت إليه عند المحققين سواء جعلنا الإدراك مصدرا بمعنى الفاعل أو المفعول وأما الاعتراض بأن ذكر المدرك وما به يدرك في تعريف الإدراك دور فجوابه أن المراد به الشيء الذي يقال له المدرك وما به الإدراك وإن لم تعرف حقيقة هذا الوصف وقد يجاب بأن هذا ليس تعريفا للإدراك بل تعيينا وتلخيصا للمعنى المسمى بالإدراك الواضح عند العقل ( قال إما بحقيقته ) إشارة إلى ما ذكروا من أن الشيء المدرك إما أن لا يكون خارجا عن ذات المدرك كالنفس وصفاتها وإما أن يكون خارجا وحينئذ فإما أن يكون ماديا أو غير مادي فالأول تكون حقيقته المتمثلة عند المدرك نفس حقيقته الموجودة في الخارج فيكون إدراكه دائما والثاني تكون صورة منتزعة عنه والثالث تكون صورة متحصلة في العقل غير مفتقرة إلى الانتزاع من حقيقة خارجية لكونها صورة لما هو مجرد في نفسه كإدراك المفارقات أو لما تحقق له ولا حقيقة أصلا كإدراك المعدومات واعترض على الأول بوجوه
أحدها أنه يقتضي أن يكون إدراك النفس لذاتها وصفاتها دائما لدوام الحضور واللازم باطل لأن كثيرا من الصفات مما لا نطلع على آنيتها وماهيتها إلا بعد النظر والتأمل وإنما الكلام في ماهية النفس ولا يجوز أن يكون هذا ذهولا عن العلم بالعلم لأنه أيضا مما يلزم دوامه سيما وهم يقولون أن علمنا بذاتنا نفس ذاتنا
وثانيها أن حصول الشيء للشيء وحضوره عنده يقتضي تغاير الشيئين ضرورة فيمتنع علم الشيء بنفسه
مخ ۲۲۵