شرح مقاصد په علم الکلام کې
شرح المقاصد في علم الكلام
خپرندوی
دار المعارف النعمانية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
1401هـ - 1981م
د خپرونکي ځای
باكستان
ژانرونه
الوجه الثاني أن كون الأب قبل الابن ضروري لا يشك فيه عاقل وليست هذه القبلية نفس وجود الأب وحده لأنها إضافية بخلافه ولأنه قد يوجد مع الابن بخلافها ولا مع عدم الابن أو هو وحده لأنه قد يكون عدما لاحقا لا يتصور كونه قبل الوجود مع اتحاد العدمين في كونهما عدم الابن وهذا معنى قولهم العدم قبل كالعدم بعد وليس قبل كبعد فتعين أن يكون قبلية الأب وبعدية الابن لأمر آخر ولا بد من أن ينتهي إلى ما يلحقه القبلية والبعدية لذاته قطعا للتسلسل وهو المراد بالزمان فإنه الذي يكون جزء منه قبل وجزء منه بعد بحيث لا يصير قبله بعد ولا بعده قبل وسائر الأشياء تكون قبلا لمطابقته الجزء القبل وبعد المطابقة الجزء البعد حتى لو وجد الأب في الجزء البعد والابن في الجزء القبل لكان الأب بعد الابن وأجيب عن الوجهين بأن ما ذكرتم من الإمكانات القابلة للتفاوت ومن القبلية المتصف بها وجود الأب من الاعتبارات العقلية دون الموجودات العينية بدليل أنها يتصف بها الأعدام فإن من اليوم إلى رأس الشهر أقل من اليوم إلى رأس السنة وإن عدم الحادث قبل وجوده فزعمت الفلاسفة أن المقصود التنبيه على وجود الزمان لا الاستدلال لأنه ضروري يعترف به العامة ومن لا سبيل لهم إلى الاكتساب ولهذا يقسمونه إلى السنين والشهور والأيام والساعات ويجري إنكاره مجرى إنكار الأوليات وإنما الخفاء في حقيقته قال فزعموا القوم وإن ادعى بعضهم ظهورانية الزمان فقد اتفقوا على خفاء ماهيته فقال كثير من المتكلمين هو متجدد معلوم يقدر به متجدد غير معلوم كما يقال أتيك عند طلوع الشمس وربما يتعاكس بحسب علم المخاطب حتى لو علم وقت قعود عمرو فقال متى قام زيد يقال في جوابه حين قعد عمرو ولو علم وقت قيام زيد وقال متى قعد عمرو يقال في جوابه حين قام زيد ولذلك يختلف تقدير المتجددات باختلاف ما يعتقد المقدر لظهوره عند المخاطب كما تقول العامة للعامة اجلس يوما والقاري اجلس قدر ما تقرأ الفاتحة والكاتب قدر ما تكتب صفحة والتركي قدر ما يطبخ مرجل لحما ولا يخفى أن ليس في هذا التفسير إفادة تصور ماهية الزمان وأما الفلاسفة فذهب أرسطو وأشياعه إلى أنه مقدار حركة الفلك الأعظم واحتجوا على ذلك بأنه مقدار أي كم متصل أما الكمية فلقبوا له المساواة واللامساواة فإن زمان دورة من الفلك مساو لزمان دورة أخرى منه وأقل من زمان دورتين وأكثر من زمان نصف دورة وأما الاتصال فلأنه لو كان منفصلا لانتهى إلى مالا ينقسم أصلا كوحدات العدد لأن هذا حقيقة الانفصال فيكون تألفه من الآنات المتتالية ويلزم منه الجزء الذي لا يتجزأ لانطباقه على الحركة المنطبقة على المسافة ثم أنه مقدار لأمر غير قار الذات وهو الحركة وإلا لكان هو أيضا قار الذات أي مجتمع الأجزاء في الوجود فيكون الحادث في اليوم حادثا يوم الطوفان وهو محال ولا يجوز أن يكون مقدار الحركة مستقيمة لأنها لازمة الانقطاع لما سيجيء من تناهي الأبعاد ومن امتناع اتصال الحركات المستقيمة على مسافة متناهية والزمان لا ينقطع كما مر فتعين أن يكون مقدارا بحركة مستديرة ويلزم أن يكون أسرع الحركات ليكون مقدارها أقصر فيصلح لتقدير جميع الحركات فإن الأقل يقدر به الأكثر من غير عكس كتقدير الفرسخ بالذراع وتقدير المائة بالعشرة وأسرع الحركات الحركة اليومية المنسوبة إلى الفلك الأعظم فيكون الزمان مقدارا لها فإن قيل هذا تعريف للزمان وتفصيل لذاتياته فكيف يطلب بالحجة قلنا الشيء إذا لم يتصور بحقيقته بل بوجه مالم يمتنع إثبات أجزائها بالبرهان كجوهرية النفس وتركب الجسم من الهيولي والصورة وههنا لم يتصور من الزمان إلا أنه شيء باعتباره تتصف الأشياء بالقبلية والبعدية وليست المقدارية من ذاتيات هذا المفهوم بل من ذاتيات حقيقته واعترض على هذا الدليل بأنه مبني على أصول فاسدة مثل بطلان الجزء الذي لا يتجزأ ومثل امتناع اتصال الحركات ولزوم السكون بين كل حركتين مستقيمتين ومثل امتناع فناء الزمان ولزوم أن يكون عدمه بعد الوجود مقتضيا لزمان آخر وبعد ثبوت هذه الأصول بالدليل أو التزام الخصم إياها بأن يجعل هذا احتجاجا على باقي الفلاسفة فلا نسلم أن القابل للتفاوت يلزم أن يكون كما مقتضيا لموضوع وإنما يلزم أن لو كان ذلك بحسب الذات وهو ممنوع ودعوى الضرورة غير مسموعة قال ثم عورض أي الدليل المذكور بوجوه أحدها أن الزمان لو كان مقدارا للحركة لامتنع انتساب الأمور الثابتة إليه أما الملازمة فلأنه حينئذ يكون متغيرا غير قار لأن مقدار المتغير أولى بأن يكون متغيرا والمتغير لا ينطبق على الثابت لأن معنى الانطباق أن يكون جزأ من هذا مطابقا لجزء من ذلك على الترتيب في التقدم والتأخر وأما بطلان اللازم فلأنا كما نقطع بأن الحركة موجودة أمس واليوم وغدا كذلك نقطع بأن السكون بل السماء وغيرها من الموجودات الثابتة حتى الواجب وجميع المجردات موجودة أمس واليوم وغدا وإن جاز إنكار هذا جاز إنكار ذاك وبهذا الوجه أبطلوا قول أبي البركات أن الباقي لا يتصور بقاؤه إلا في زمان مستمر ومالا يكون في الزمان ويكون باقيا لا بد أن يكون لبقائه مقدار من الزمان فالزمان مقدار الوجود وذلك لأن المقدار في نفسه إن كان متغيرا استحال انطباقه على الثابت وإن كان ثابتا استحال انطباقه على المتغير وثانيها أن الحركة كما سيجيء تطلق على كون المتحرك متوسطا بين المبدأ والمنتهى وهو أمر ثابت مستمر الوجود وعلى الأمر الممتد في المسافة من المبدأ إلى المنتهى وهو وهمي محض لا تحقق له في الخارج لعدم تقرر أجزائه فالحركة التي جعل الزمان مقدارا لها إن أخذت بالمعنى الأول لزم كون الزمان قارا غير سيال وهو محال وإن أخذت بالمعنى الثاني لم يكن الزمان موجودا ضرورة امتناع قيام الموجود بالمعدوم وثالثها لو كان الزمان مقدار حركة الفلك لكان تصور وجوده بدونها تصور محال واللازم باطل لأنا قاطعون بوجود أمر سيال به القبلية والبعدية والمضي والاستقبال وإن لم يوجد حركة ولا فلك حتى لو تصورنا مدة كان الفلك معدوما فيها فوجد أو ساكنا فتحرك أو يعدم فيها الفلك أو حركته لم يكن ذلك بمنزلة تصورنا عدم حركة الفلك حال وجودها وإن أمكن إنكار هذا الأمر بدون الحركة أمكن إنكاره معها من غير فرق وبالجملة فارتفاع الزمان بارتفاع حركة الفلك ليس بديهيا كارتفاع مقدار الشيء بارتفاعه ولهذا لم يذهب أحد من العقلاء إلى بداهة أزلية الأفلاك وأبديتها وبهذا يظهر أن ليس الزمان نفس الفلك الأعظم أو حركته على ما هو رأي البعض وقد يجاب أما عن الأول فبأن النسبة إلى الزمان بالحصول فيه لا يكون إلا للمتغير حقيقة بأن يكون فيه تقدم وتأخر وماض ومستقبل وابتداء وانتهاء كالحركة والمتحرك أو تقديرا كالسكون فإن معنى كونه في ساعة أنه لو فرض بدله حركة لكانت في ساعة وذكر ابن سينا أن معنى قولنا الجسم في الزمان أنه في الحركة والحركة في الزمان وأما غير المتغير أعني ما يكون قار الذات فإنما ينسب إلى الزمان بالحصول معه لا بالحصول فيه إذ ليس له جزء يطابق المتقدم من الزمان وجزء يطابق المتأخر منه وهذا كما أن نسبة استمرار غير المتغير وثباته إلى استمرار غير المتغير كالسماء إلى الأرض تكون بالحصول معه من غير تصور الحصول فيه ولا خفاء في الفرق بين حصول الحركة مع الزمان وحصول السماء مع الزمان وحصول السماء مع الأرض وأنها معان متحصلة لا استنكار في أن يعبر عن كل منها بعبارة يرى أنها مناسبة لها على ما قالوا أن نسبة المتغير إلى المتغير هو الزمان ونسبة الثابت إلى المتغير هو الدهر ونسبة الثابت إلى الثابت هو السرمد ويعمهما الدوام المطلق والذي في الماضي أزل والذي في المستقبل هو الأبد قال الإمام وهذا تهويل خال عن التحصيل لأن ما يفهم من كان ويكون إذا كان موجودا في الأعيان فإما أن يكون متغيرا فلا ينطبق على الثابت أو ثابتا فلا ينطبق على المتغير وهذا التقسيم لا يندفع بالعبارة واعترض بأنه لا استحالة في الانطباق بين المتغير والثابت فإنا نقول عاش فلان ألف سنة فانطبق مدة بقائه على ألف دورة من الشمس والمتكلمون يقولون القديم موجود في أزمنة مقدرة لا نهاية لأولها والجواب أنه لا يصح حينئذ ما ذكر أن الزمان لما كان غير قار استحال أن يكون مقدار الهيئة قارة على أن انطباق مدة البقاء على ألف دورة إنما هو من انطباق المتغير على المتغير لأن المدة زمان والدورة حركة ثم لا يخفى أن ليس الزمان نفس النسبة بل المتغير الذي ينسب إليه المتغير وليس المراد مطلق النسبة بل نسبة المعية على ما صرح به البعض إلا أنه اقتصر من بيان هذه المعية على أنها ليست معية شيئين يقعان في زمان واحد ثم قال وغير الحركة إذ المتحرك إنما ينسب إلى الزمان بالحصول معه لا فيه وهذه المعية إن كانت بقياس ثابت إلى غير ثابت فهو الدهر وإن كانت بقياس ثابت إلى ثابت فهو السرمد وهذا الكون أعني كون الثابت مع غير الثابت والثابت مع الثابت بإزاء كون الزمانيات في الزمان فتلك المعية كأنها متى للأمور الثابتة ولا يتوهم في الدهر ولا في السرمد امتداد وإلا لكان مقدارا بالحركة ثم الزمان كمعلول للدهر والدهر كمعلول للسرمد فإنه لولا دوام نسبة علل الأجسام إلى مباديها ما وجدت الأجسام فضلا عن حركاتها ولولا دوام نسبة الزمان إلى مبدأ الزمان لم يتحقق الزمان وقال ابن سينا أن اعتبار أحوال المتغيرات مع المتغيرات هو الزمان واعتبار أحوال الأشياء الثابتة مع الأشياء المتغيرة هو الدهر ومع الأشياء الثابتة هو السرمد والدهر في ذاته من السرمد وهو بالقياس إلى الزمان دهر يعني أن الدهر في نفسه شيء ثابت إلا أنه إذا نسب إلى الزمان الذي هو متغير في ذاته سمي دهرا هذا ما وقع إلينا من شرح هذا الكلام والظاهر أنه ليس له معنى محصل على ما قال الإمام وأما عن الثاني فبأنا نختار أن الزمان مقدار للحركة بمعنى القطع وهي أمر غير قار يوجد منها جزء فجزء من غير أن يحصل جزآن دفعة وهذا معنى وجودها في الخارج وإنما الوهمي هو المجموع الممتد من المبدأ إلى المنتهى فكذا مقدارها الذي هو الزمان يكون بحسب المجموع وهميا لا يوجد منه جزآن دفعة بل لا يزال يتجدد ويتصرم ويوجد منه شيء فشيء وهذا ما يقال أن هناك أمرا غير منقسم بفعل بسيلانه الزمان كما أن في الحركة معنى هو الكون في الوسط يفعل بسيلانه الحركة بمعنى القطع وأعترض بأن هذا قول بتتالي الآنات لأن ذلك الأمر الغير المنقسم ليس غير الآن وأجيب بأنه لا أجزاء هناك بالفعل لأن الزمان كمية متصلة يعرض لها التجزي والانقسام بحسب الفرض والوهم دون الخارج فورد الإشكال بأنه لا وجود للزمان حينئذ لأن نفس الامتداد موهوم والجزء معدوم فماذا يوجد منه وهذا بخلاف المسافة فإن أجزاءها وإن لم تكن بالفعل إلا أن المجموع المتصل الذي يتجزأ في الوهم موجود في الخارج وبخلاف الحركة فإنه يوجد منها أمر مستمر هو الكون في الوسط من غير لزوم محال وأجيب بأن المراد أن في العقل امتدادا لا وجود له في الخارج لكنه بحيث لو فرض وجوده وتجزيه عرضت لأجزائه المفروضة قبليات وبعديات متجددة متصرفة ولا يكون الامتداد في العقل كذلك إلا إذا كان في الخارج شيء غير قار يحصل في العقل بحسب استمراره وعدم استقراره ذلك الامتداد الذي إذا فرض تجزيه كان لحوق التقدم والتأخر لأجزائه المفروضة لذاتها من غير اقتضاء زمان آخر وكذا معيته للحركة وإذ لا وجود للجزئين معا إلا في العقل لزم كون القبلية والبعدية العارضتين لهما كذلك ولهذا يعرضان للعدد كيف ولو وجدتا في الخارج وهما متضايفان لزم وجود معروضيهما معافى الخارج ويلزم كون الزمان قار الذات وما يقال من أن الموجود في الخارج من الزمان معروض للقبلية والبعدية فمجاز والمراد أنه متعلق بهما بمعنى أنهما بسببه يعرضان للأجزاء المفروضة للزمان المعقول هذا غاية تحقيقهم في هذا المقام دفعا للإشكالات الموردة من قبل الإمام مثل أن قبلية عدم الحادث على وجوده لو اقتضت زمانا لكانت قبلية الأمس على الغدو معية الحركة للزمان كذلك وأن القبلية والبعدية لو وجدنا لامتنع اتصاف العدم بهما ولكان وجودهما بالزمان وتسلسل وللزم وجود معروضيهما معا ضرورة كونهما متضايفين فيكون الزمان قار الذات لاجتماع أجزائه المفروضة للقبلية والبعدية ولو كانتا من الاعتبارات العقلية التي لا وجود لها في الأعيان لم يلزم وجود معروضيهما في الخارج فلم تدل على وجود الزمان وأن أجزاء الزمان إما أن تكون متماثلة فيمتنع اختلافها بالقبلية والبعدية الذاتيتين أو متخالفة فلا يكون الزمان متصلا وأنت خبير بأن قولهم لا بد في الخارج من أمر غير قار يحصل منه في العقل ذلك الامتداد مجرد ادعاء لجواز أن يحصل لا عن موجود أو عن موجود قار بحسب ما له من النسب والإضافات إلى المتغيرات على ما سيجيء وأما عن الثالث فبأن القطع بوجود امتداد به التقدم والتأخر ومنه الماضي والمستقبل على تقدير أن لا يكون فلك ولا حركة أصلا أو يكون له عدم سابق أو لاحق إنما هو من الأحكام الكاذبة للوهم كحكمه بأن خارج الفلك فضاء لا يتناهي وأعترض بأنا نجد القطع بهذا الامتداد في حالتي وجود الحركة وعدمها على السواء إن حقا فحق وإن وهما فوهم والتفرقة تحتاج إلى البرهان قال وذهب القدماء أي من الفلاسفة إلى أن الزمان جوهر مستقل أي قائم بنفسه غير مفتقر إلى محل يقومه أو حركة تفعله فمنهم من زعم أنه واجب الوجود إذ لا يمكن عدمه لا قبل الوجود ولا بعده لأن التقدم والتأخر بين الوجود والعدم لا يتصور إلا بزمان فإن كان عين الأول لزم وجود الشيء حال عدمه وإن كان غيره لزم تعدد الزمان بل تسلسله ورد بعد تسليم المقدمات بأن امتناع العدم قبل الوجود أو بعده لا ينافي الإمكان الذاتي بمعنى جواز العدم في الجملة ومنهم من اعترف بإمكانه وإليه ذهب أفلاطون واتباعه وعمدتهم التعويل على الضرورة بمعنى أنا قاطعون بوجود أمر به التقدم والتأخر ومنه الماضي والمستقبل سواء وجد جسم وحركة أو لا حتى لو فرضنا أن الفلك كان معدوما فوجد ثم فني كنا قاطعين بوجود ذلك الأمر وبتقدم عدم الفلك على وجوده بمعنى كونه في زمان سابق ماض والوجود في زمان لاحق حاضر والفناء في زمان آخر مستقبل فلا يكون فلكا ولا حركة ولا شيئا من عوارضها بل جوهرا أزليا يتبدل ويتغير ويتجدد ويتصرم بحسب النسب والإضافات إلى المتغيرات لا بحسب الحقيقة والذات ثم أنها باعتبار نسبة ذاته إلى الأمور الثابتة يسمى سرمدا وإلى ما قبل المتغيرات دهرا وإلى مقارنتها زمانا ولما لم يثبت امتناع عدمه في نفسه لم يحكم بوجوبه وأنت خبير بحال دعوى الضرورة في مثل هذا المتنازع الهائل الذي لا يرجى فيه تقرر الآراء على شيء قال المبحث الثالث في المكان لا خفاء في آنية شيء ينتقل الجسم عنه ويسكن فيه أو لا يسع معه غيره وهو المسمى بالمكان والمعتبر من المذاهب أن ماهيته السطح الباطن من الجسم الحاوي المماس للسطح الظاهر من المحوي وإليه ذهب أرسطو وأشياعه من المشائيين أو البعد الذي ينفذ فيه بعد الجسم ويتحد به وإليه ذهب كثير من الفلاسفة والمتكلمون فزعموا أن من البعد ما هو مادي يحل في الجسم ويقوم به ويمتنع اجتماعه مع بعد آخر مماثل له قائم بذلك الجسم وهو المسمى بالجسم التعليمي ومنه ما هو مفارق لا يقوم بمحل بل يحل فيه الجسم ويلاقيه بجملته ويجامعه بعد الجسم منطبقا عليه متحدا به إلا أنه عند المتكلمين عدم محض ونفي صرف يمكن أن لا يشغله شاغل وهو المعنى بالفراغ المتوهم الذي لو لم يشغله شاغل لكان فارغا وعند بعض الفلاسفة امتداد موجود قد يكون ذراعا وقد يكون أقل أو أكثر وقد يسع هذا الجسم وقد يسع ما هو أصغر منه أو أكبر وتوضيحه أنا إذا توهمنا حلوا لإناء عن الماء والهواء وغيرهما ففيما بين أطرافه امتداد قد يشغله الماء وقد يشغله الهواء فكذا عند الامتلاء ويسمونه البعد المفطور بمعنى أنه مشهور مفطور عليه البديهة فإن كل أحد يحكم بأن الماء فيما بين أطراف الإناء وقيل بمعنى أنه ينشف فيدخل فيه الجسم بما له من البعد ويعبر عنه أفلاطون تارة بالهيولي لتوارد الأجسام عليه توارد الصور على المادة وتارة بالصورة لكونه عبارة عن الأبعاد الممتدة في الجهات بمنزلة الصورة الاتصالية الجسمية التي بها يقبل الجسم الأبعاد ويتميز عن المجردات وعلى هذا لا يرد ما يقال أن امتناع كون حيز الجسم جزأ منه في غاية الظهور فكيف يذهب إليه العاقل ثم إن هذا البعد عند أفلاطون وأتباعه ممتنع الخلو عن شاغل وعند البعض ممكن الخلو عنه فأصحاب الخلاء هم المتكلمون وبعض الفلاسفة ففي هذا المبحث مقامان
أحدهما في أن المكان هو السطح أو البعد
مخ ۱۹۴