287

شرح مقاصد په علم الکلام کې

شرح المقاصد في علم الكلام

خپرندوی

دار المعارف النعمانية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

1401هـ - 1981م

د خپرونکي ځای

باكستان

والثالث الإمساك عن القوة مدة غير معتادة وليس ببعيد كما في بعض الأمراض لاشتغال الطبيعة بهضم الأخلاط الفاسدة وتحليل المواد الردية عن تحليل المواد المحمودة والرطوبات الأصلية المحوج إلى البدل فيجوز في حق الأشخاص الكاملة لانجذاب نفوسهم إلى جناب القدس بالكلية واستتباعها القوى الجسمانية التي بها الهضم والشهوة والتغذية وما يتعلق بذلك بل لا يبعد أن يكون هذا في حق هؤلاء أولى وأقرب منه في المرض لكون احتياج المريض إلى الغذاء أوفر وأوفى أما أولا فلتحلل رطوباته بسبب الحرارة الغريزية المسماة بسوء المزاج وأما ثانيا فلفرط احتياجه إلى حفظ القوى البدنية بحفظ الرطوبات التي بها تعتدل الحرارة الغريزية وذلك لما عرض لها بسبب المرض المضاد لها من الفتور وأما ثالثا فلاختصاص العارف بأمر يقتضي الاستغناء عن الغذاء والسكون البدني الحاصل بسبب ترك القوى البدنية أفاعيلها عند متابعتها النفس وأما تقريرهم لنزول الوحي وظهور الملك مع أنه من المجردات دون الأجسام فهو أن النائم ومن يجري مجراه في عدم استيلاء الحواس عليه قد يشاهد صورا غريبة ويسمع أصواتا عجيبة ليست بمعدومة صرفة ولا موجودة في الخارج بل في القوة المتخيلة والحس المشترك وربما لا يكون متأدية إليه من طرق الحواس الظاهرة بل من عالم آخر فلا يبعد أن يكون لبعض أفراد الإنسان نفس شريفة شديدة الاتصال بعالم العقل قليلة الالتفات إلى عالم الحس ومتخيلة شديدة جدا قوية التلقي من عالم الغيب قليلة الانغماس في جانب الظاهر لا يعصيها المصورة ولا يشغلها المحسوسات عن أفعالها الخاصة ويحصل لذلك الإنسان في اليقظة أن يتصل بعالم الغيب ويتمثل لقوته المتخيلة العقول المجردة والنفوس السماوية أشباحا مصورة سيما العقل الفعال الذي له زيادة اختصاص بعالم العناصر فتخاطبه وتحدث في سمعه كلام مسموعا يحفظ ويتلى ويكون ذلك من قبل الله وملائكته لا من الإنسان وهذا معنى الوحي ونزول الملك والكتاب وقد يكون ذلك على غاية الكمال فيعبر عنها بمشاهدة وجه الله الكريم وسماع كلامه من غير واسطة وأما تقريرهم في كون النبي مبعوثا من قبل الباري تعالى لحفظ النظام وصلاح العباد في المعاش والمعاد مع أنهم لا يثبتون له الفعل بالاختيار والعلم بالجزئيات ويقطعون بأنه تعالى بل جميع المبادي العالية لا يفعل لغرض في الأمور السافلة فهو أن العناية الإلهية بمخلوقاته أعني إحاطة علمه السابق بنظام الموجودات على الوجه الأليق في الأوقات المترتبة التي يقع كل موجود منها في واحد من تلك الأوقات يقتضي إفاضة ذلك النظام على ذلك الترتيب والتفصيل الذي من جملته وجود الشرع والشارع ووجوب ما به يكون النظام على وجه الصواب فيجب ذلك عنه وعن إحاطته بكيفية الصواب في ترتيب وجود الكل ليكون الموجود على وفق المعلوم وعلى أحسن النظام وإن لم يكن هناك انبعاث قصد وطلب منه تعالى وهذا ما قال في الشفاء أن العناية الإلهية تقتضي المصالح التي لها منفعة ما في البقاء كإنبات الشعر على الأشفار وعلى الحاجبين وتقعير الأخمص من القدمين فكيف لا تقتضي المنفعة التي هي في محل الضرورة للبقاء ولتمهيد نظام الخير وأساس المنافع كلها وكيف لا يجب وقد وجد ما هو مبني عليها ومتعلق بها وكيف يجوز أن يكون المبدأ الأول والملائكة بعده يعلمون ذلك ولا يعلمون هذا ففي الجملة قالوا بوجوب البعثة ولزوم النبوة فمن قال هي واجبة في الحكمة أراد تبقية النظام على الوجه اللايق ومن قال في العناية أراد تمثل النظام في علمه الشامل ومن قال في الطبيعة أراد وجود النظام الكامل ولقد أفصح عن المقصود بعض الإفصاح من قال أن المدبر الذي يسوق النوع من النقصان إلى الكمال لا بد أن يبعث الأنبياء ويمهد الشرايع كما هو موجود في العالم ليحصل النظام ويتعيش الأشخاص ويمكن لهم الوصول من النقصان إلى الكمال الذي خلقوا لأجله قال المبحث الرابع محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ولم يخالف في ذلك من أهل الملل والأديان إلا البعض من اليهود والنصارى وحجتنا أنه عليه السلام ادعى النبوة وأظهر المعجزة وكل من كان كذلك فهو نبي لما بينا اما دعوى النبوة فبالتواتر والاتفاق حتى جرت مجرى الشمس في الوضوح والإشراق وأما إظهار المعجزة فلأنه أتى بالقرآن وأخبر عن المغيبات وأظهر أفعالا على خلاف المعتاد وبلغت جملتها حد التواتر وإن كانت تفاصيلها من الآحاد فلنتكلم في الأنواع الثلاثة أما النوع الأول ففيه ثلاث مقامات لبيان إعجاز القرآن ووجه الإعجاز ودفع شبه الطاعنين أما المقام الأول فهو أنه صلى الله عليه وسلم تحدى بالقرآن ودعا إلى الإتيان بسورة مثله مصاقع البلغاء والفصحاء من العرب العرباء مع كثرتهم كثرة رمال الدهناء وحصى البطحاء وشهرتهم بغاية العصبية والحمية الجاهلية وتهالكهم على المباهاة والمباراة والدفاع عن الأحساب وركوب الشطط في هذا الباب فعجزوا حتى آثروا المقارعة على المعارضة وبذلوا المهج والأرواح دون المدافعة فلو قدروا على المعارضة لعارضوا ولو عارضوا لنقل إلينا لتوفر الدواعي وعدم الصارف والعلم بجميع ذلك قطعي كسائر العاديات لا يقدح فيه احتمال أنهم تركوا المعارضة مع القدرة عليها أو عارضوا ولم ينقل إلينا لمانع كعدم المبالاة وقلة الالتفات والاشتغال بالمهمات وأما المقام الثاني فالجمهور على أن إعجاز القرآن لكونه في الطبقة العليا من الفصاحة والدرجة القصوى من البلاغة على ما يعرفه فصحاء العرب بسليقتهم وعلماء الفرق بمهارتهم في فن البيان وإحاطتهم بأساليب الكلام وهذا مع اشتماله على الإخبار عن المغيبات الماضية والآتية كما سنذكره وعلى دقايق العلوم الإلهية وأحوال المبدأ والمعاد ومكارم الأخلاق والإرشاد إلى فنون الحكمة العلمية والعملية والمصالح الدينية والدنيوية على ما يظهر للمتدبرين ويتجلى على المتفكرين وذهب النظام وكثير من المعتزلة والمرتضى من الشيعة إلى أن إعجازه بالصرفة وهي أن الله تعالى صرف همم المتحدين عن معارضته مع قدرتهم عليها وذلك إما بسلب قدرتهم أو بسلب دواعيهم أو بسلب العلوم التي لا بد منها في الإتيان بمثل القرآن بمعنى أنها لم تكن حاصلة لهم أو بمعنى أنها كانت حاصلة فأزالها الله وهذا هو المختار عند المرتضى وتحقيقه أنه كان عندهم العلم بنظم القرآن والعلم بأنه كيف يؤلف كلام يساويه أو يدانيه والمعتاد أن من كان عنده هذان العلمان يتمكن من الإتيان بالمثل إلا أنهم كلما حاولوا ذلك أزال الله تعالى عن قلوبهم تلك العلوم وفيه نظر واحتجوا

أولا بأنا نقطع بأن فصحاء العرب كانوا قادرين على التكلم بمثل مفردات السورة ومركباتها القصيرة مثل الحمد لله ومثل رب العالمين وهكذا إلى الآخر فيكونون قادرين على الإتيان بمثل السورة

مخ ۱۸۴