شرح مقامات الحريري
شرح مقامات الحريري
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
٢٠٠٦ م - ١٤٢٧ هـ
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
[النمل: ٢٠]، قال: فما كنيتك؟ فقال: أبو الكوكب الدرّيّ، قال: كمل الرجل.
وكان ﷺ يأخذ من لحيته من طولها وعرضها بالسواء (١).
وكان عبد الله بن عمر يقبض على لحيته، ويأخذ ما زاد منها على قبضته.
الحسن بن المثنى: إذا رأيت رجلا له لحية طويلة، ولم يتخذ لحية بين لحيتين، كان في عقله شيء.
وكان المأمون جالسا مع ندمائه ببغداد، مشرفا على دجلة وهم يتذاكرون أخبار الناس، فقال المأمون: ما طالت لحية إنسان قط إلا ونقص من عقله بمقدار ما طال من لحيته، وما رأيت عاقلا قطّ طويل اللحية. فقال له بعض جلسائه، ولا يردّ على أمير المؤمنين: قد يكون في طول اللحى أيضا عقل؛ فبينما هم يتذاكرون في هذا، إذ أقبل رجل كبير اللحية، حسن الهيئة، فاخر الثياب، فقال المأمون: ما تقولون في هذا الرجل؟
فقال بعضهم: رجل عاقل، وقال آخر: يجب أن يكون هذا قاضيا، فقال المأمون لبعض الخدم: عليّ بالرجل، فلم يلبث أن أصعد إليه ووقف بين يديه، فسلّم فأجاد السّلام، فأجلسه المأمون، واستنطقه فأحسن النطق، فقال المأمون: ما اسمك؟ فقال: علّوية، قال: فما الكنية؟ قال: أبو حمدويه، فضحك المأمون، وغمز جلساءه ثم قال: ما صنعتك؟ قال: فقيه أجيد الشرع في المسائل، فقال له: نسألك مسألة! فقال الرجل: سل عما بدا لك، فقال لهالمأمون: ما تقول في رجل اشترى شاة من رجل، فلما تسلّمها المشتري، وقضى الثمن، ضرطت، فخرج من استها بعرة ففقأت عين رجل؛ على من تجب دية العين؟ قال: فنكت بإصبعه في الأرض طويلا، ثمّ قال: تجب على البائع دون المشتري، فقال المأمون: وما العلّة التي أوجبت الدية عليه دون المشتري؟ قال: إنه لمّا باعها لم يشترط أنّ في استها منجنيقا، قال: فضحك المأمون حتى استلقى على قفاه، وضحك كلّ من حضره من الندماء. وأنشد المأمون يقول: [السريع]
ما أحد طالت له لحية ... فزادت اللّحية في حليته
إلا وما ينقص من عقله ... أكثر مما زاد في لحيته
وقال آخر: [المتقارب]
إذا عظمت للفتى لحية ... فطالت فصارت إلى سرّته
فنقصان عقل الفتى عندنا ... بمقدار ما زاد في لحيته
وأنشد أبو عليّ: [مجزوء الكامل]
_________
(١) أخرجه الترمذي في الأدب باب ١٧، بلفظ: «كان النبي ﷺ يأخذه من لحيته من عرضها وطولها».
1 / 63