82

شرح معاني شعر المتنبي لابن الإفليلي - السفر الثاني

شرح معاني شعر المتنبي لابن الإفليلي - السفر الثاني

پوهندوی

الدكتور مُصْطفى عليَّان

خپرندوی

مؤسسة الرسالة

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

ژانرونه

ثم قال: إن من سكن أقصى ثغوره، وبعد عنه من كتائبه وجيوشه، يتصرفون بأوامره، ويشجعون بشجاعته، ويحتملون على مذاهبه، ويخذون بحظ من صرامته، فما يخاف الموت فيهم ولا يرهب، ولا يهاب ولا يتوقع، وإذا كانت هذه حال من بعد عنه، فكيف الظن بمن شهده وقرب منه. قَالُوا هَجَرْتَ إليه الغَيْثَ! قُلْتُ لَهَمْ: ... إلى غُيُوثِ يَدَيْهِ والشآبِيْبِ إِلى الَّذي تَهَبُ الدَّوْلاَتِ رَاحُتُهُ ... ولا يَمُنُّ على آثار مَوْهُوبِ الشآبيب: الدفع الغزيرة من المطر، واحدها شؤبوب، والدولات: مدد السلطان في الملك، الواحدة: دولة. فيقول: إن بعض من عذله على اعتماده لكافور في مصر بقصده، ونسبه في ذلك إلى قلة الاختيار لنفسه، فقال له: أتهجر الشام وتدعها، وتتناسى كثرة الغيوث بها، وما تظهره من ترويض أرضها، وتجدده من بهجة حسنها، وتقصد مصر الذي تعرض السحاب عن سقيها، ولا تمطر شيئا من أرضها، فقال: إنه هجاها إلى غيوث يدي كافور، الذي عمت الأرض بمواهبه، وروتها بشآبيب مكارمه، وأنست السحاب بكثرتها، وزادت عليها بوفور جملتها، فهجرت تلك البلاد، وسيف الدولة مالكها، إلى كافور ملك الملوك، وسيد السادات، الذي يرفع من أحوال قصاده، وأقدار خدامه، حتى يجعلهم ذوي دولات تؤمل، وممالك تهاب وتتوقع، ولا يمن مع ذلك بعظيم ما تفعله، ولا يستكثر جليل ما يبذله. فدل على تقصير سيف الدولة عن كافور أبين دلالة، وأشار إلى ذلك أوضح إشارة، وهذه العبارة التي عبرنا بها عنه، وإن زادت على لفظه، فهي مفهومة من أغراض شعره. ولا يَرُوعُ بِمَغْدُورٍ بِهِ أَحَدًا ... ولا يُفَزَّعُ مَوْفُورًا بِمَكُوبِ بَلى يَرُوعُ بِذِي جَيْشٍ يُجَدَّلُهُ ... ذا مِثْلِهِ في أَحَمَّ النَّقْعِ غِرْبِيْبِ الترويع: التفزيع، والموفور: الكثير المال، والمنكوب: المعرض لسقوط الحال،

1 / 82